بين مأساة وضعها الاقتصادي وفقدانها إحدى الأطراف..

ولاء نتيل.. فلسطينية تحدّت اعاقتها بصناعة "الزخارف البسيطة"- صور

تابعنا على:   11:31 2022-06-08

أمد/ غزة- صافيناز اللوح: لن يتستلم إلا من هم صغار العقول، فالإعاقة دوماً تصنع المعجزات وسط الآلام والأوجاع المغروسة بداخل أولئك الذين سطر القدر أسماءهم ليكونوا تيجاناً ترفع على الرؤوس لتحملهم ما لم يتحمله من لا يعانون مما يعانوه.

ولاء وائل نتيل 19 عاماً من سكان بلدة جباليا شمالي قطاع غزة، تخرجت من الثانوية العامة وكان حلمها أن تلتحق بأجيالها داخل أسوار الجامعة، ولكن لم تسعفها ظروفها الاقتصادية، حتى أجبرتها على تناسي هذا الحلم وليس نسيانه.

ولاء الأكبر في الاناث والثانية بإخوتها، تحدثت لـ"أمد للإعلام" عن ظروفها الاقتصادية السيئة التي تعيشها برفقة أسرتها في ظل الوضع الاقتصادي السيئ المتغلغل في أحياء قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي الظالم أولاً، وما حل بالشعب الفلسطيني من انقسام شق شطري الوطن وبلا تلاقٍ حتى الآن.

ولاء التي تعاني من تشوه خلقي بحسب ما تحدثت به معنا، حيثُ تفقد إحدى يداها وتعيش بيدٍ واحدة، والتي حاولت الحديث مع مؤسسات فلسطينية لتتبناها من أجل تركيب يد صناعية، حتى تتمكن من ممارسة حياتها  الطبيعية كغيرها من الاناث.

وتقول ولاء لـ"أمد"، قدمت لمؤسسة في قطاع غزة لا أريد ذكر اسمها، واتصلوا بي وأكدوا لي على موافقة المانحين بتغطية تكاليف عمليتي خارج الوطن، وتركيب يد صناعية، وبعد شهرين تقريباً اتصلوا عليّ مرة أخرى واعتذروا مني تحت بند أن المانحين تراجعوا عن تغطية التكاليف".

وشددت، وبعد فترة من الزمن قابلت أحد العاملين الذي تواصل معي منذ البداية بهذا الأمر صدفة، وأكد لي أنّ الجمعية قامت باستبدال اسمي لشخص معرفة، وحرموني قصداً من تحقيق هذا الحلم.

وأضافت الفتاة نتيل، قمت بتجهيز نفسي آنذاك بطلبٍ منهم وجهزت جواز سفري برفقة مرافق معي، ولكنهم أدخلوا الحزن في قلبي حينها بعد اتصالهم واعتذارهم، وبعد أنّ وضعت كل أملي بعد الله عز وجل بهذه الفرصة.

"إن بكيت أو حزنت على ما أنا به لن يتغير شئ"، هذه العبارة التي أجابتها ولاء على سؤالنا حول وضعها وفقدانها لتحدى يديها، مضيفةً: "لقد اعتدت على ذلك منذ صغري، وأنا راضية بهذا القدر تماماً".

وأكملت حديثها لـ"أمد"، " تعرضت للكثير من التنمر وأنا صغيرة، ولكني اعتدت عليها أيضاً، رغم حزني وبكائي، وقهري على ما سمعته من زملائي في المدرسة، وكنت أقول هذا في نفسي فقط ولا أبوح به لأي أحد".

تحدت اعاقتها بصناعات يدوية بسيطة

لم تستسلم ولاء للقدر الذي جعلها تعاني واقعياً من فقدانها لإحدى يداها، بل تحدت كل الظروف والمعيقات، وتخطت العقبات التي قد تقف أمام طموحاتها ولو بجزء بسيط، حيثُ استطاعت صناعة الميداليات والزخارف البسيطة، لتسد رمق حياتها المأساوية بفعل الوضع الاقتصادي السيئ أولاً، وتعيد نظرة الناس حول الأشخاص ذوي الاعاقة، أنهم لا يختلفون عنكم بل هم يصنعون من ثلب الوجع أملاً أكثر.

وتوضح ولاء التي تحدثت مع "أمد" ظروف والدها الذي أصيب برصاصة في رأسه إبان الأحداث المؤسفة الفلسطينية الفلسطينية، التي وقعت عام 2007، بين الألوان المتفرقة حالياً، ليكون ضحية الرصاص الطائش للتناحر بين الأشقاء الأعداء بين أسوار الوطن.

وأكدت، أنّ يعاني والدي صحياً من هذه الإصاية حتى هذا اليوم، ولا يستطيع العمل أو الوقوف لساعات أو حتى الوقوف تحت أشعة الشمس، لذلك نحن ضحية لما حل بأبي نتيجة هذا التناحر ولا زلنا نعاني الأمرين الذي نتج عنه سوء وضعهنا وحياتنا التي نعيشها.

وتابعت لـ"أمد"، حاولت أن أساعد عائلتي ونفسي ولو بجزء بسيط حتى لا ألوم نفسي على التقصير، فلجأت لصناعة المداليات البسيطة والزخارف، والسبح والأساور والدبابيس المكتوب عليها الأسماء.

واستدركت بالقول: يوجد هناك طلب بسيط من قبل الناس على هذه المنتوجات، ولكنني حقت ولو أقل القليل بأن يكون هذا العمل مناسباً وأستطيع البيع منه وأستفيد أنا وعائلتي.

وأكملت: بالإضافة إلى مساعدة أهلي أنا أردت أيضاً أن يكون لي مكانتي في المجتمع، لأنني لا أريد الرضوخ إلى النقص الذي أعاني منه نتيجة التشوه الخلقي الذي أمر به، لذلك أنا أستجمع كل قوتي حتى أكون شيئاً في هذا المجتمع.

مطالب بسيطة

وطالبت الغزّية ولاء عبر "أمد"، أن يقف المسئولين إلى جانبها لتحقق حلمها البسيط في تركيب يدها الصناعية، أو العثور على عمل لوالدها ليستطيع هو القيام بذلك.

وقالت: لا أريد الكثير ولا أطلب ما ليس لي حق به، أنا أريد أن أكون كباقي الاناث، أن أعمل بيداي الاثنتين، وأن أقوم بالكثير من الأعمال التي حرمت القيام بها، أريد تحقيق حلمي الذي أحلم به منذ الصغر.

ونوهت، لا يوجد مؤسسات تراعي ما أمر به، رغم أنني قدمت لعدد منهم، ولكنني أطالبهم بتبني قضيتي، وأن يكونوا عند قدر المسئولية، وأن يلتفتوا لي كفتاة هضم حقها في هذا الوطن المسلوب.

كما طالبت الفتاة الحالمة، من الرئيس محمود عباس والمسئولين في قطاع غزة، بالنظر إلى حالتهم الاقتصادية السيئة والبحث عن عمل ولو بسيط لوالدهم ليستطيع جلب  قوت أسرته.

لن يقف حلم ولاء، ولم ينته أيضاً رغم كل المعيقات إلا أنها تستمد القوة من ذاتها ولذاتها ومن أجل ذاتها، لتعطي نفسها حقها الذي سلبه أصحاب القروش وحرمها منه ناهبوا الطموحات من أجل مصالحهم الشخصية، فهي فتاة بريئة تستمد وقوفها على قدمها من اعاقتها التي لم تختارها بيدها، بل فرضت عليها من القدر المحتوم الذي لا يعارضه أحد.

اخر الأخبار