أموال غزة بين الشعارات والمسؤولية: إلى أين تذهب المليارات؟

تابعنا على:   15:50 2025-10-28

أسامة الأطلسي

أمد/ يتجدد اليوم في الشارع الفلسطيني سؤالٌ قديم لكنه لا يفقد أهميته: أين تذهب الأموال التي تُجمع باسم غزة؟
سؤال يكتسب ثقله في ظل ما يعيشه القطاع من مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتراكم المساعدات والتبرعات في الخارج بينما تزداد معاناة السكان في الداخل يوماً بعد يوم.

منذ سنوات، ترددت عبارة لقيادي في حركة حماس، خالد الحية، حين قال إن “مال حماس لحماس”. كانت تلك الجملة في وقتها مثار جدل واسع، لكنها اليوم تعود إلى الواجهة بقوة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه ما يصفه البعض بانفصال قيادة الحركة عن معاناة الناس.
فبينما يعيش أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت وطأة الفقر والدمار، يتساءل كثيرون: متى ستصل المليارات من الشواكل والدولارات التي جُمعت باسمهم؟ أين ذهبت التبرعات التي أعلن عنها الإخوان المسلمون وبعض الجمعيات الإسلامية في الخارج “لدعم صمود الفلسطينيين”؟

الأهالي في غزة، الذين دفعوا الثمن الأكبر من أرواحهم ومنازلهم، لا يرون أثراً فعلياً لهذه الأموال.
يقول أحد النازحين في حديث لإذاعة محلية: “تحدثوا كثيراً عن مساعدات وجمع تبرعات، لكننا لم نرَ شيئاً. أطفالنا بلا طعام، والبيوت مهدّمة. هل هذه هي المقاومة؟”

ويؤكد مراقبون أن هذه التساؤلات لا تتعلق فقط بالمحاسبة المالية، بل أيضاً بالمبدأ الأخلاقي الذي يجب أن يحكم عمل أي حركة أو فصيل وطني. فالأموال التي تُجمع باسم “فلسطين” أو “غزة” هي ملك للشعب، لا لقيادة أو تنظيم. لم يُعرف يوماً أن “مال فتح لفتح” أو “مال الجبهة الشعبية للجبهة”، لأن التمويل الوطني كان دائماً من أجل الجميع، لا من أجل جماعة بعينها.

غير أن المشهد الحالي في غزة يعكس واقعاً مقلقاً. فبينما تُضخ الأموال في قنوات سياسية وإعلامية مختلفة، يعيش معظم السكان تحت خط الفقر، وتعاني المستشفيات من نقص الدواء، ويقف الناس في طوابير طويلة للحصول على الماء والخبز. وفي الوقت ذاته، يعيش بعض قادة الحركات في الخارج حياة مريحة في الفنادق والفيلات، بعيداً عن ركام البيوت وأصوات القصف.

يقول أحد الأكاديميين في غزة: “المشكلة ليست في المال، بل في غياب الشفافية والمساءلة. عندما يتحول المال العام إلى أداة ولاء سياسي، يفقد الناس الثقة في كل شيء.”

اليوم، ومع تصاعد الدعوات لإنهاء الحرب وبدء مرحلة إعادة الإعمار، يبدو أن الفلسطينيين يطالبون قبل أي شيء بـ وضوح في إدارة الأموال التي تُجمع باسمهم. فالإعمار الحقيقي لن يكون بالإسمنت فقط، بل بإعادة بناء الثقة بين الشعب ومن يقول إنه يمثله.
ربما حان الوقت لأن يُقال بوضوح:
“مال غزة لغزة… لا لحماس ولا لغيرها.”

اخر الأخبار