اللبنانية رولا سعادة.. من سيدة أفغانستان الأولى إلى "السيدة الهاربة"

تابعنا على:   16:00 2021-08-18

أمد/ كابول – وكالات: بعد سقوط كابول وهروب الرئيس الأفغاني أشرف غني، سلطت وسائل إعلام عالمية الضوء على المرأة، التي كانت تشغل منصب سيدة أفغانستان الأولى، وهي رولا سعادة، قرينة الرئيس السابق أشرف غني، ذات الأصول اللبنانية. ما هي أبرز محطات رولا سعادة؟.

ربما لم تكن الفتاة اللبنانية رولا سعادة، التي نشأت في ريف ضهور الشوير بمحافظة جبل لبنان، تتخيل أن ترتبط حياتها يوما ما ببلد آخر بعيد عن وطنها في كل المجالات، قبل أن تدخلها مفارقات الحياة سلسلة من الأحداث حملتها من قريتها الوادعة إلى ضجيج السياسة حيث أصبحت سيدة أولى في أفغانستان.

سنواتها الأولى

بدأت رولا سعادة مراحل دراستها الأولى، تبعا لنشأتها في أسرة مسيحية مارونية، في أحد أديرة الراهبات بجبل لبنان قبل أن تنتقل إلى فرنسا لإكمال دراستها الثانوية.
بعد عودتها من فرنسا عملت سعادة في مجال الصحافة بوكالة الأخبار الفرنسية مكتب بيروت بين عامي 1969 و1970.

عادت رولا مرة أخرى لمقاعد الدراسة، فدخلت الجامعة اليسوعية حيث درست الاقتصاد لمدة سنة، قبل أن تغير وجهتها إلى الجامعة الأمريكية سنة 1973 حيث كانت على موعد للقاء الرجل الذي سيغير حياتها للأبد.

درست الفتاة اللبنانية العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت وهناك تعرفت على شاب أفغاني يدعى أشرف غني ليرتبط الاثنان رغم اختلاف اللغة والدين والعرق سنة 1975.
انتقلت رولا سعادة مع زوجها إلى أفغانستان قبل أن يحصل على بعثة دراسية إلى جامعة كولومبيا بنيويورك حيث حصلت هي الأخرى على درجة الماجستير الثانية في الصحافة.
من أمريكا إلى السياسة

لثلاثين عاما عاشت رولا التي أطلق عليها لاحقا لقب ”البيبي جول“ في الولايات المتحدة قبل العودة مع عائلتها إلى أفغانستان عام 2003. كانت تلك المدة كفيلة بتفسير الكثير من معالم شخصيتها التي أثارت الجدل في الأوساط السياسية داخل وخارج أفغانستان.

بينما كان يهمُّ زوجها أشرف غني بوضع قدمه في ساحة السياسة الأفغانية كانت الأضواء مسبقا مسلطة على خطاها هي في الحياة الاجتماعية الأفغانية، فنظر إلى دورها بعين الجرأة باعتبارها أجنبية ومسيحية في أكثر المجتمعات المحافظة انغلاقا.

تقول رولا سعادة، في إحدى مقابلاتها الصحفية، إنها تفضل اعتناق كل الهويات للاستفادة من الجميع، معتبرة أن اعتناق هوية واحدة يمكن أن يكون سببا للتصادم مع الآخرين.
تخرجت سعادة من كلية العلوم السياسية في باريس، ولديها لكنة فرنسية ممتازة، رغم أنها غادرت فرنسا وعاشت في الولايات المتحدة الأمريكية مدة 30 عاما.

تأثرت رولا سعادة بالثورة الطلابية في فرنسا عام 1968، بحسب تقرير عنها نشره موقع "فرانس 24" الفرنسي.

وفي سبعينيات القرن الماضي عملت رولا سعادة في مكتب "فرانس برس" في بيروت، وهو منحها صفات مثل الدقة والسرعة والصرامة.

ما هي التحديات التي واجهتها في أفغانستان؟

عندما أصبحت قرينة الرئيس، كان ذلك تحديا في حد ذاته، فهي سيدة أجنبية مسيحية، أصبحت السيدة الأولى في بلد مسلم محافظ.

وتقول رولا إن ذلك كان تحديا لأن حقوق النساء في ذلك البلد كانت ضعيفة، رغم ما تم تحقيقه من تقدم.

وتقول رولا سعادة، في تصريحات سابقة، إن كونها مسيحية كان سببا لانتقادات تعرض لها زوجها أشرف غني، مضيفة: "لكن تلك الصفحة تم طيها".

ما هي رؤيتها بالنسبة للمرأة؟

كانت تؤيد القانون الفرنسي الذي يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة ويسمح بارتداء الحجاب فقط، وتقول إن النقاب يعوق قدرة المرأة على الحركة، لكنها ترى في الوقت ذاته أنه من الحق المرأة أن ترتدي الثياب الطويلة التي تتوافق مع قناعتها الدينية.

كيف التقت رولا سعادة بأشرف غني؟

التقى غني بزوجته رولا سعادة خلال دراسته في الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1969، بحسب تقرير لشبكة "العربية نت".

بعدها عاد غني للتدريس في جامعة كابول، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعمل في عدة مواقع أبرزها جامعة "جون هوبكينز"، قبل أن يتولى منصب خبير اقتصادي لدى البنك الدولي.
بقي غني مع زوجته رولا سعادة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتولى عدة مناصب أممية، قبل أن يعود إلى أفغانستان عام 2001 ومعه زوجته، التي له منها ولدان هما مريم، فنانة تصوير، وطارق، الذي يعمل في مجال البرمجيات.

وكانت "سعادة" في الغالب من النقاط الحساسة التي استهدفها معارضو زوجها أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية.. سواء بهويتها أو بمواقفها كتأييدها القانون الفرنسي الذي يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة باعتباره يعيق حركة المرأة ويحول دون رؤية ما حولها.

وعلى مدار سنوات من المعترك السياسي الذي شاركت زوجها به.. لم تتمكن الانتقادات الحادة من ثني السيدة البالغة من العمر 66 عاما عن تجاوز الخطوط الحمراء أو التوقف عن كسر المحرمات الاجتماعية التي تمثلت بظهورها العلني مع زوجها وإلقائها خطابات في بعض المناسبات، بخلاف زينات كرزاي زوجة الرئيس السابق حامد كرزاي.

من جانبه كان أشرف غني فخورا بزوجته.. لدرجة توجيه الشكر لها على الملأ في أكثر من محفل ومناسبة على جهودها في مجال العمل العام… وكان أشهرها في خطاب تنصيبه عام 2014 حاكما للبلاد. عندما قال: أشكر شريكة حياتي ”بيبي جول“ لدعمها لي ولأفغانستان.

الهروب.

بعد سبع سنوات على شغلها منصب السيدة الأولى في جمهورية أفغانستان، كانت رولا سعادة أو بيبي جول على موعد جديد مع تقلبات الحياة، يبدو نهائيا هذه المرة، بعد أن اضطرت للهرب برفقة زوجها الرئيس؛ إثر سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول.

وخلال مسيرتها المثيرة للجدل حظيت رولا غني بعدة أوصاف؛ فشبهها البعض بالملكة ”ثريا طرزي“ زوجة ملك أفغانستان أمان الله خان مطلع عشرينيات القرن الماضي التي كانت متحررة ومنفتحة على الحياة الغربية.

أما الغربيون فيرون فيها امرأة حديدية تحدت ثقافة وتقاليد قائمة منذ آلاف السنين، وصنفتها مجلة التايم الأمريكية في العام 2015 واحدة من ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم.

اخر الأخبار