حزب الله.. الدور القادم
تاريخ النشر : 2023-03-02 13:57

حزب الله اللبناني بارتباطه المالي والأمني والعقائدي مع إيران ومرشدها من الظواهر المهمة والمؤثرة خلال الأربعين عاما الأخيرة، وكان أول مشاريع إيران الإقليمية فيما كان يسمى تصدير الثورة وبعدها أصبح تصدير الحرس الثوري.

وقبل أن يكون حزب الله كانت حركة أمل وهي حركة شيعية لبنانية عربية، لكن إيران كانت معنية بمن يؤمن بولاية الفقيه وبمن يتبعها فكان لا بد من إضعاف حركة أمل ليكون حزب الله هو ممثل الشيعة في لبنان فكان القتال بين حزب الله وأمل في بداية الثمانينيات وانتصر الحزب ليعلن نفسه عمليا أول عنوان من عناوين النفوذ الإيراني.

وما بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وحروب إسرائيل ضد لبنان وبناء قاعدة خدمات معيشية ووظائف لأبناء شيعة لبنان اكتسب الحزب حضورا تزايد عاما بعد عام، كما عملت إيران على تحويله وكيلا لها في الإقليم وظهر هذا بدور الحزب في لبنان واليمن وحتى في بناء العلاقات مع حركة الجهاد الفلسطينية وبعدها حماس.

ومع توسع مشروع إيران الإقليمي كان الحزب الابن المدلل للحرس الثوري، وفي نفس الوقت كان القوة السياسية الأقوى لبنانيا، واليوم لا يمكن لأي قرار مهم أن يتم إلا بموافقة الحزب، وكسب الحزب حضورا عربيا كبيرا خلال فترات العدوان الإسرائيلي على لبنان، لكن الحزب تغيرت أولويته منذ آخر عدوان إسرائيلي وبعد موافقته على قرار مجلس الأمن 1701 والذي فرض هدوءا حقيقيا على الحدود اللبنانية، وتوقفت كل أشكال المقاومة إلا في خطابات الحزب.

ورغم أن فلسطين لم تتحرر، ورغم سقوط بغداد في يد الاحتلال الأميركي فإن جحافل إيران لم تعبر بغداد إلى القدس كما كانت إيران تقول أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وهذه الجحافل الإيرانية ومعها كل أدواتها من العرب والعجم وعلى رأسهم حزب الله جاؤوا إلى دمشق بعد الحرب في سورية ليس حبا في النظام أو الشعب السوري بل لأن سقوط النظام السوري كان يعني خسارة كبرى للمشروع الإيراني، فالهلال الفارسي من طهران إلى بغداد ثم دمشق وبيروت كان سيتم إفشاله لو تغير النظام السوري لهذا تداعت كل إيران عبر الحرس الثوري ومليشيات تتبع له ومنها حزب الله إلى سورية وما زالت هذه القوى موجودة هناك بل وتوسعت الأحلام لتحويل سورية إلى منطقة نفوذ إيرانية أمنيا وعسكريا وطائفيا وحتى على صعيد تجارة المخدرات، وحزب الله طرف مهم جدا في بناء النفوذ الإيراني الشامل في سورية.

الأدوار التي يقوم بها الحزب في سورية واليمن والعراق أفقدته كثيرا من الحضور العربي والإسلامي الشعبي، وفي لبنان تحول الحزب إلى طرف مهم في السلطة يتحمل مسؤولية فشل الدولة اقتصاديا وسياسيا وحتى الكوارث المثيرة للريبة مثل تفجير الميناء والاغتيالات لمعارضي الحزب، لكنْ مؤكد أن الحزب لا يعنيه هذا لأنه يعمل فقط لإرضاء إيران وأداء واجباته الموكولة له من الحرس الثوري وتحقيق ولاية الفقيه، فليس معنيا برضى جماهير العرب أو غيرهم، بل إنه ذهب إلى خطوة تناقض كل شعاراته حين وافق ومرر اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وهذا عمليا اعتراف بحدود إسرائيل واتفاق اقتصادي على تقاسم ثروات البحر المتوسط.

الحزب مشغول باليمن والعراق وسورية وليس معنيا حتى باستقرار لبنان السياسي والاقتصادي، وحتى خطابات زعيمه فقدت بريقها لأن الحزب صدى لإيران ومخلب من مخالبها، وأما أدوار الحزب القادمة فمعرفتها تتم بقراءة مشروع النفوذ الفارسي في الإقليم.

نحن في الأردن حيث فشلت إيران خلال العقود الماضية في اختراق ساحته وتكوين مخلب يتبع لها كان للحزب محاولات أمنية سلبية فشلت، وربما يكون دوره مهما في حرب المخدرات الطائفية التي يتعرض لها الأردن خلال السنوات الأخيرة.
عن الغد الأردنية