"حمدين": حزب كرامة الإخوان
تاريخ النشر : 2017-09-21 12:16

حين تستمع إلى «حمدين صباحى»، فى إطلالته الأخيرة فى برنامج «بلا قيود» الذى أذيع عبر قناة «بى بى سى»، يمكنك أن تتخيل أنك تقرأ كتاب «التربية القومية»، الذى درسته قبل عشرين عاماً، فالخريطة السياسية والعربية فى مخيلة «حمدين» لم تتغير، و«الخطاب الحنجورى» لا يزال هو أقرب الطرق للوصول إلى الجماهير.. لقد خرج «حمدين» خارج السياق الزمانى والمكانى.. ولم يتبقّ منه إلا ملامح طالب قديم احترف «النضال» لحساب مختلف الأنظمة القمعية (العراق وليبيا نموذجاً)، وفشل فى أن يتجاوز مرحلة «نائب» فى مجلس الشعب عام 2005، الذى وصل إليه بتحالفه المشين مع الإخوان فى انتخابات البرلمان، وعلاقاته ببعض أعضاء الحزب الوطنى فى مجلس الشعب مثل «زكريا عزمى»!

واليوم، عاد «حمدين» بحثاً عن نقطة ضوء قد تفتح له خزائن التمويل العربى التى نضبت بضياع العراق وليبيا، عاد ليعلن أنه لن يترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن أصبح مجرد «عضو» فاقد للشعبية والمصداقية، فى جبهة «ممدوح حمزة» لمقاولات الانتخابات الرئاسية.

الغريب أن «صباحى» فى حواره لم يراهن إلا على جماعة «الإخوان» الإرهابية، وقال فى حواره لقناة «بى بى سى»: (إنه لم يكن ليُقصى جماعة الإخوان من المجتمع، فى حالة نجاحه فى انتخابات عام 2014؛ لأن الحياة حق مكفول للجميع)، مستطرداً: (الإخوان تعرضوا لظلم حقيقى بدءاً من أبرياء انتهك دمهم فى مأساة رابعة، وتسأل عنها السلطة التى تحكمنا، ومكتب الإرشاد الذى قاد الأبرياء إلى حتفهم، وحتى مظالم السجون التى يتعرضون لها ومطاردتهم فى بيوتهم)!!

إنها رسالة غزل مباشرة للتنظيم الدولى للإرهاب، بملياراته وميليشياته وقاعدته من السلفيين والمتطرفين فى كل مكان، يستكملها «حمدين» قائلاً: (إن أزمة قطر مفتعلة لأغراض ضيقة، فى ظل وجود وطن عربى مفتت ونظامه السياسى مبعثر، ولا يراعى حكامه قضايا شعوبهم).

وقبل أن تسقط ورقة التوت الأخيرة عنه يحاول التحامل قليلاً على «قطر»، ولكن من باب إدانة «السعودية»، فيقول: (المال العربى يُنفَق ببذخ لسفك الدم العربى، ففى سوريا تهدر الأرواح بتمويل سعودى وقطرى معاً لصالح عصابات مسلحة تريد أن تنقض على الدولة السورية، وفى اليمن مليارات أُنفقت لهدم اليمن وتحطيم بنيته وتسليم أطفاله للكوليرا).. ولأنه فقد صوابه، وتملكته لوثة السلطة الضائعة؛ فقد كانت تصريحاته متناقضة متضاربة، تعكس حالة التشوش الذهنى والتخبط السياسى التى يعيشها.

لكن «حمدين» يقول بوضوح إنه يعتبر نفسه من دعاة ورعاة مشروع جدى لوحدة القوى المدنية فى مصر، مؤكداً وجود مشروع جاد يتم العمل عليه حالياً يضم قوى يسارية بكل أطيافها، وقوى ليبرالية وإخرى إسلامية.. ولا أدرى عن أى قوى إسلامية يتحدث، عن الإخوان، أم أنصار د.عبدالمنعم أبوالفتوح.. وكيف تتوافق القوى الليبرالية مع الإسلامية إلا إذا كان «المخطط» خلفه تمويل أكبر وأذكى مما نتخيل؟!

لا يخجل «حمدين» من المتاجرة بآلام البسطاء وأوجاع الوطن، وتصدير شعارات وهمية للشباب عن (الحرية والاشتراكية والوحدة)!.. إنه مستعد للرقص فوق جثث الشباب للوصول إلى «سراب» يتصور أنه «قمة السلطة»!

كانت صورته وهو يجلس على الأرض وحيداً فيما سميته «جمعة فضلات الثورة»، التى دعوا إليها الشباب للثورة بسبب اتفاقية «تيران وصنافير»، كفيلة بأن يدرك أنه مجرد «قزم» لا خلفه كرامة ترفع لافتة حزب سياسى، ولا «تيار شعبى» يكفى لتشييع طموحه السياسى إلى مقبرة الفشل التام.. لكنه فى حالة «إنكار» وهى حالة نفسية شهيرة تحدث عقب صدمات الفقد المتتالية.. وقد فقد «صباحى» الكثير، لم يخسر مصادر التمويل واهتمام وسائل الإعلام فحسب.. بل خسر «احترام» البعض له، بعدما أصبح مخادعاً متلوناً منافقاً، كل همه هدم نظام 30 يونيو والتشكيك فى إنجازاته، وطرح أكاذيب وخزعبلات من بنات أفكاره تؤكد عجزه عن تجاوز فشله لمرتين فى الانتخابات الرئاسية، والعزلة المفروضة عليه إلا من شلة «العملاء والمرتزقة».. الذين تجمعهم دائماً «المؤامرة».

لو كنت «رجلاً» فى مكان «المناضل الحنجورى» لخرجت على الرأى العام لأرد على ما قاله المستشار «مرتضى منصور» حين اتهمه بتقاضى «أربعة ملايين جنيه» من أحد رجال أعمال «الحزب الوطنى».. فالصمت على الفضائح السياسية ليس من شيم الثوار.

لكن «حمدين» أصيب بحالة «توحد» ولا يزال يتخيل أنه «زعيم قومى»، رغم أن نموه السياسى توقف عند مرحلة «اتحاد طلبة الجامعات»!

عن الوطن المصرية