أسئلة ليست بريئة
تاريخ النشر : 2017-03-04 11:05

وهى ليست بريئة، لأنها تستهدف استثارة الضمير الجمعى للمجتمع لعله يكون قادرا سواء عبر مجلس النواب أو عبر الإعلام غير المضغوط عليه فيصرخ مستجيراً من فرط الاهتمام بالذات والاستهانة بفكرة العدالة واحترام جمهور الفقراء ومحدودى أو معدومى الدخل.
فمنذ أربعة أشهر كتبت وكررت وحذرت من أن السيد رئيس الوزراء يسعى لزيادة مرتبه هو ونوابه ووزراؤه ومحافظوه، يومها أشرت إلى ضرورة أن يضرب المسئولون المثل والقدوة كسبيل لإقناع المطلوب منهم أن يربطوا الأحزمة على بطونهم الجائعة. وضربت مثالاً صارخاً بالرئيس السيسى الذى تنازل عن نصف مرتبه ونصف ما يمتلك بالميراث. ومثالاً صارخاً آخر هو أن السعودية بأمرائها ووزرائها وكل موظفيها ورغم ما تمتلكه من ثروات هائلة قد قررت تخفيض المرتبات بنسبة 20%. وقلت إن القدوة والإحساس بمشاكل الفقراء ومحدودى الدخل والفئات الدنيا من أبناء الطبقة الوسطى يمكنه أن يكون عزاءً لمن يصدقون بوجود مثل هذا الإحساس. وساعتها لامنى كثير من علية القوم، منكرين أن ذلك سيحدث أو سيسمح بحدوثه. وتحدث معى نواب كثيرون يتوعدون الحكومة إن فعلت. وكان تعويم الجنيه وإغراق المواطنين وسط لهيب الأسعار التى اشتعلت ثم لم تنطفئ. وفيما يصرخ الناس والصحف والفضائيات من قرارات الحكومة رفع أسعار أطعمة الفقراء الفول – العدس – الزيت – السكر – الشاى.. مع مطالبة الذين لا يتحملون بأن يتحملوا علشان خاطر “الوطن” . وكأن الوطن لا ينتظر إلا تضحيات من لم يتبق معهم ما يمكنهم أن يضحوا به علشان خاطره، وأيضاً وكأن “الوطن” ليس له مكان فى ضمائر الحكومة التى وبجسارة تحتاج قدرا عاليا من قلة الضمير، إذ تقدمت إلى مجلس النواب بطلب رفع راتب رئيس الوزراء إلى 42٫000جنيه وراتب نواب رئيس الوزراء والوزراء إلى 35٫000 جنيه ورواتب نواب الوزراء والمحافظين إلى 30٫000 جنيه. وإن يستحق كل هؤلاء معاشاً قدره 80% من إجمالى رواتبهم عند انتهاء شغلهم للمنصب. ولست أعرف مغزى هذه الكلمة “الماكرة” “إجمالى” رواتبهم عند انتهاء شغلهم الوظيفة فهل إجمالى الراتب سيتضمن البدلات وإضافى اللجان والاجتماعات أم لا؟ ولست اعرف مغزى إن يخدم وزير شهرا أو شهرين أو حتى اقل كما حدث فى بعض الحالات ثم يتحدد معاشه بـ80% من إجمالى المرتب. ولن أقارن أعلى أجر بأدنى أو باللا أجر لكى لا تزداد الصورة بشاعة ولا بأصحاب المعاشات الذين أفنوا عمرهم فى الخدمة ويحرمون مما يستحقون.
وبالمناسبة تطوع السيد/ محمد أبوشقة وهو من هو، واعتقد أن الكثيرين يعرفون حقيقة وضعه ليطالب بعدم محاسبة الوزراء بعد خروجهم من الخدمة على تصرفاتهم خلالها. فكيف؟ ولماذا؟ وأين يحدث ذلك فى أى بلد من بلدان الدنيا؟ وأسأل ألم يحدث أن وزراء عندنا سيقوا للسجن بسبب فساد تصرفاتهم؟ وهل سيسرى ذلك أيضاً على المحافظين؟ واشمعنى همه؟ وهل سمع سيادته وهو من هو بأن الدفاتر الفرنسية قد فتحت لتحاسب ساركوزى على تصرفات مالية فاسدة بعد تركه المنصب، وكذلك مرشح رئاسى بسبب فساد وظيفى. أم أن وزراءنا سيصبح ذلك مسموحاً لهم؟
وبالمناسبة وكأن الأمر جاء عفو الخاطر قال معالى رئيس الوزراء أمام النواب إن تحول الدعم إلى دعم مالى هو الأكثر فائدة. وأسأل فائدة لمن؟ وماذا عن الأسعار التى تلتهب وتتصاعد بما يعنى الانخفاض الفعلى للدعم؟ وبالمناسبة أريد من معالى رئيس الوزراء إجابة واضحة لماذا يقف وبهذا التشدد ضد التسعيرة الجبرية، هل فقط لأن السيد المسموع الكلمة شاهبندر التجار يرفضها بحجج واهية معلوم لكل من يعلم أنها تتستر على كبار كبار التجار الذين يتلاعبون بالأسعار على هواهم ويرفضون قيام النواب بتحديد هامش للربح؟
وقد تقدمت وزارة المالية باقتراح فرض ضريبة نسبتها فقط 2 فى الألف للبائع و2 فى الألف للمشترى فى سوق التداول فبدأت الملاعيب والصراخ بانهيار البورصة وتصاعد الصراخ ليطفئ حماس المتحمسين والراغبين فى إيجاد سبيل لتخفيض عجز الموازنة، فهل ستتراجع الحكومة أمامهم؟ كما حدث من قبل. عندما تراجعت عندما أجلت تطبيق قانون أرباح البورصة لسنة واحدة ثم أصبحت ثلاث سنوات.
وإذا كانت الحكومة تستلهم “نصائح” [وهذه كلمة مهذبة إثباتا للبراءة] صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يطالبان بفرض ضرائب تصاعدية فلماذا لم تستلهم هذه النصيحة؟ وإذا كانت هذه التصاعدية تسبب صداعاً للحكومة فإننا نقترح بديلاً لها عبارة ضرائب على الدخل بنسب تصاعدية أو أى حاجة تجيب فلوس من السادة المليارديرات الذين لا يشبعون وإذا طلب منهم السيسى أن يساهموا فى دعم الاقتصاد محبة فى الوطن كان موقفهم العملى المال أثمن من الوطن والشعار الأمثل عندهم “البحر يحب الزيادة” .
ونأتى إلى لعبة ظريفة.. فالسيد وزير التعليم رتب كما اعتاد وزراء غيره زيارة “مفاجئة” لمدرسة الأورمان الإعدادية بنات، ولأن الزيارة المفاجئة يجب أن يتم تصويرها تليفزيونيا وصحفيا لكى تظهر المدرسة فى غاية النظافة والنظام، والفصل الذى سيزوره بشكل مفاجئ يكون غاية فى الأناقة. وطابور الصباح غاية فى النظام فقد أبلغت المدرسة قبلها بأيام بموعد الزيارة “المفاجئة”.. لكن معالى الوزير صاحب المفاجأة لم يذهب، وظلت الفتيات تحمل وردا كى يقدمنه للحاضر فجأة، وكذلك ظل طابور الصباح وتحية العلم فى انتظار الوزير ساعتين وذبل الورد وأرهقت الفتيات ثم فجأة حضر أحد مساعدى الوزير وباظت المفاجأة.
ويبقى سؤال مفاجئ لمعالى الوزير المفاجئ سألت سيادتك فى مقال سابق: هل صحيح أن جميع (أى 100% من المشرفين) الذين اخترتهم للإشراف على المشروع الممتاز مفوضية التعليم [وهو ممتاز بالفعل وأتمنى أن ينجح بالفعل] هم من زملائك أساتذة الجامعة الأمريكية؟ فهل لهذا معنى ومغزى أم أنه جاء على سبيل الرمز؟

عن الاهرام