إيران تبدأ إعادة بناء مواقع صواريخ استهدفتها إسرائيل - صور

تابعنا على:   16:20 2025-09-24

أمد/ طهران: أظهرت صور أقمار صناعية حلّلتها وكالة "أسوشيتد برس" أن إيران بدأت في إعادة بناء مواقع إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل خلال حربها التي استمرت 12 يوماً في حزيران/يونيو، لكن هناك مكوّناً أساسياً لا يزال على الأرجح مفقوداً، وهو الخلاطات الكبيرة اللازمة لإنتاج الوقود الصلب لهذه الأسلحة.

إعادة تكوين برنامج الصواريخ أمر بالغ الأهمية للجمهورية الإسلامية، التي تعتقد أن جولة أخرى من الحرب مع إسرائيل قد تقع. فالصواريخ تُعتبر من بين وسائل الردع العسكرية القليلة المتبقية لدى إيران بعد أن دمّرت الحرب أنظمة دفاعها الجوي — وهو أمر طالما أصرت طهران على أنه لن يكون جزءاً من أي مفاوضات مع الغرب.

وقال خبراء صواريخ لـ"أسوشيتد برس" إن الحصول على هذه الخلاطات يُعد هدفاً لطهران، خصوصاً في ظل استعدادها لاحتمال إعادة فرض عقوبات من الأمم المتحدة على البلاد في وقت لاحق من هذا الشهر. هذه العقوبات ستعاقب أي تطوير لبرنامج الصواريخ، إلى جانب إجراءات أخرى. 

ومن المقرّر أن يلقي الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء.

تُعرف هذه الآلات باسم "الخلاطات الكوكبية"، إذ تحتوي على شفرات تدور حول نقطة مركزية مثل الكواكب، وتوفّر قدرة مزج أفضل من الأنواع الأخرى من المعدّات. وقد تتمكّن إيران من شرائها من الصين، حيث يقول خبراء ومسؤولون أميركيون إنّها اشترت في الماضي مكوّنات ومواد خاصّة بوقود الصواريخ.

وأوضح الباحث المشارك في مركز جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار النووي سام لير، والذي درس مواقع الصواريخ الإيرانية: "إذا تمكّنوا من إعادة الحصول على بعض المعدّات الأساسية مثل الخلاطات الكوكبية، فإن البنية التحتية ما زالت قائمة وجاهزة للعمل من جديد."

بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لم ترد على أسئلة تتعلّق بمحاولات البلاد لإعادة بناء برنامجها الصاروخي.

استهداف إسرائيلي لمواقع صواريخ الوقود الصلب
وفق الوكالة، يمكن إطلاق صواريخ الوقود الصلب بشكل أسرع من تلك التي تستخدم الوقود السائل، والذي يجب تزويد الصاروخ به قبل الإطلاق مباشرة. هذه السرعة قد تعني الفارق بين إطلاق الصاروخ أو تدميره في منصة الإطلاق، وهو ما حدث بالفعل خلال الحرب مع إسرائيل.

تملك إيران قواعد تصنيع صواريخ الوقود الصلب في "خوجير" و"بارتشين" قرب طهران، إضافة إلى موقع "شاهرود" الذي يبعد نحو 350 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة. حتى قبل الحرب الأخيرة، كانت جميع هذه المواقع قد تعرّضت لهجمات إسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 خلال جولة من المواجهات بين البلدين.

ويبدو أن الهجمات خلال حرب حزيران/يونيو استهدفت تدمير المباني التي تضم الخلاطات، اللازمة لضمان امتزاج وقود الصواريخ بشكل متجانس، وفقاً للخبراء. واستهدفت إسرائيل منشآت تصنيع أخرى يحتمل أن تكون قادرة على إنتاج الخلاطات.

وتُظهر صور أقمار صناعية من شركة "Planet Labs PBC"، التُقطت هذا الشهر وحلّلتها "أسوشيتد برس"، وجود أعمال بناء في منشآت "بارتشين" و"شاهرود".

وقال لير إن مباني المزج في "بارتشين" تبدو وكأنها قيد الترميم، فيما تشهد "شاهرود" إعادة بناء مشابهة لمباني المزج وهياكل أخرى.

ويُظهر تسارع وتيرة إعادة البناء مدى الأهمية التي توليها طهران لبرنامجها الصاروخي. في المقابل، لم تشهد المواقع النووية التي قُصفت في إيران نشاطاً مماثلاً.

خلال الحرب، أطلقت إيران 574 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، وفقاً لمعهد "JINSA" (المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي الأميركي) ومقرّه واشنطن، والذي تربطه علاقات وثيقة بالجيش الإسرائيلي. وفي جولتين من تبادل النيران قبل الحرب، أطلقت إيران 330 صاروخاً آخر، بحسب المعهد.

قدّرت القوات الإسرائيلية أن إجمالي الترسانة الإيرانية يبلغ نحو 2500 صاروخ، ما يعني أن أكثر من ثلث هذه الصواريخ قد استُخدم بالفعل.

قبل الحرب، كانت إيران في طريقها لإنتاج أكثر من 200 صاروخ يعمل بالوقود الصلب شهرياً، وفقاً لما قاله الباحث في مركز جيمس مارتن كارل باركين، خلال الصيف. وهذا ما دفع إسرائيل إلى استهداف مرافق بناء الصواريخ.

وتابع باركين: "تشير أهداف إسرائيل إلى أنّها اعتبرت أن المزج كان عنق الزجاجة في إنتاج الصواريخ الإيراني. وإذا تمكّنت إيران من تجاوز محدودية المزج لديها، فسيكون لديها كل القدرة على الصبّ اللازمة للبدء بإنتاج كميات كبيرة من جديد."

رفض الجيش الإسرائيلي الرد على أسئلة تتعلّق باستراتيجيته. أمّا وزير الدفاع الإيراني اللواء عزيز نصيرزاده، فقد زعم مؤخراً أن طهران باتت تمتلك صواريخ جديدة برؤوس حربية أكثر تطوراً.

وقال في 22 آب/أغسطس: "لقد غيّرت الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل بعض أولوياتنا. نحن الآن نركّز على إنتاج معدات عسكرية بدقة أعلى وقدرات تشغيلية أكبر".

من الصين؟
قد تختار إيران الاعتماد على الصين للحصول على الخلاطات والمواد الكيميائية اللازمة لإنتاج الوقود الصلب.

قد تكون هذه المواد الكيميائية قد تسبّبت في انفجار ضخم في أبريل/نيسان أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصاً في أحد الموانئ الإيرانية. وحتى الآن لم تقدّم إيران تفسيراً لهذا الانفجار، الذي وقع بينما كان دبلوماسيون إيرانيون يلتقون نظراءهم الأميركيين في عُمان لمناقشة برنامجها النووي.

بعد أيام قليلة من الانفجار، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على شركات صينية قالت إنها زوّدت الجمهورية الإسلامية بـ"مكوّنات دافعة للصواريخ الباليستية".

وفي الوقت نفسه، يُعتقد أن الحرس الثوري الإيراني زوّد منشأة تحت الأرض لبناء الصواريخ الباليستية في سوريا، قرب بلدة مصياف على بعد نحو 170 كيلومتراً شمال دمشق وقريبة من الحدود اللبنانية، بخلاط كوكبي. وأظهرت لقطات نشرتها إسرائيل بعد غارتها على المنشأة في سبتمبر/أيلول 2024 الخلاط، الذي بدا مشابهاً لأجهزة أخرى تُباع على الإنترنت من شركات صينية.

وزار الرئيس الإيراني ومسؤولون عسكريون بكين في وقت سابق من هذا الشهر للمشاركة في عرض يوم النصر الصيني. ولم تُقدّم الحكومة الإيرانية تفاصيل عمّا قاله بزشكيان للرئيس الصيني شي جينبينغ، كما أن وسائل الإعلام الصينية الرسمية لم تُشر إلى أن طهران طلبت مساعدة.

وزارة الخارجية الصينية، رداً على سؤال حول احتمال تزويد طهران بالخلاطات ومواد الوقود، قالت لأسوشيتد برس إن بكين "على استعداد لمواصلة الاستفادة من نفوذها للإسهام في إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط."

وأضافت: "الصين تدعم إيران في حماية سيادتها الوطنية وأمنها وكرامتها الوطنية. وفي الوقت نفسه، تعرب الصين عن قلقها العميق إزاء استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط."

وقال زميل أقدم في معهد "Hudson" بواشنطن جان قساط أوغلو إن بكين يمكنها أيضاً أن تزود إيران بأنظمة التوجيه والمعالجات الدقيقة لصواريخها الباليستية.

وكتب قائلاً: "إذا استغلت إيران علاقتها مع الصين لتعزيز قدراتها العسكرية المزعزعة للاستقرار، فإن الحرب التي استمرت 12 يوماً قد تكون مجرد مطب عابر للنظام الإيراني، وليس هزيمة حاسمة".

وقال لير إنّه إذا أعادت إيران إنتاج الصواريخ بمستويات ما قبل الحرب، فإن العدد الكبير من الصواريخ المنتجة سيجعل من الأصعب على الإسرائيليين تدميرها بشكل استباقي أو إسقاطها.

وختم: "من الواضح أنهم مستثمرون بقوة في برنامجهم الصاروخي، ولا أعتقد أنّهم سيتخلّون عنه في أي مفاوضات، أبداً".

اخر الأخبار