
هل يعود ماكرون إلى شيراك؟

حنان شبات
أمد/ منذ أن شغل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منصبه، لم يظهر موقفًا متمايزًا بشكل جذري من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل التزم في الغالب بخطاب دبلوماسي متوازن، يخشى الاصطدام المباشر مع تل أبيب، ويراعي الحسابات الأوروبية والأمريكية. لكن في الأسابيع الأخيرة، بدأ ماكرون يتخذ منحى مختلفًا، على الأقل في اللغة والمواقف العلنية، حين صرح بوضوح أن "السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون الاعتراف بدولة فلسطينية"، وهو تصريح استفز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودفع ابنه يائير نتنياهو إلى شن هجوم لاذع وغير دبلوماسي على الرئيس الفرنسي.
هجوم يائير نتنياهو لم يكن مفاجئًا لمن يتابع عقلية الاستعلاء التي تحكم اليمين الإسرائيلي، لكنه كشف بالمقابل حجم التوتر الذي تسببه أي بادرة أوروبية نحو إنصاف الفلسطينيين. تصريح ماكرون، وإن لم يكن متبوعًا بعد بخطوات عملية، أعاد إلى الأذهان موقفًا تاريخيًا لفرنسا، عندما وقف الرئيس الراحل جاك شيراك بكل شجاعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، في مشهد لا يُنسى من زيارته الشهيرة للقدس عام 1996، حين رفض الإهانة وهدد بوقف زيارته بسبب تصرفات الاحتلال، وكان صديقًا وفيًا للرئيس الراحل ياسر عرفات وللقضية الفلسطينية.
فهل يعود ماكرون إلى نهج شيراك؟ هل ما زالت فرنسا تحتفظ بذرة من الإرث الاشتراكي الإنساني الذي ميز دبلوماسيتها في لحظات تاريخية حرجة؟ أم أن ماكرون، المحاصر بمصالح أوروبا وقيود التحالفات الغربية، سيكتفي بالكلمات دون الأفعال؟
إن الشعب الفلسطيني، الذي يعاني اليوم تحت نيران حرب إبادة في غزة، لا ينتظر خطابًا جديدًا من أوروبا، بل موقفًا شجاعًا يعيد الاعتبار للعدالة. فرنسا التي رفضت يومًا غطرسة الاحتلال، قادرة إن أرادت أن تلعب دورًا فاعلًا في وقف المجازر والاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية. لكن ذلك يتطلب ما هو أكثر من الغضب على تويتر، وأكثر من الصدامات الإعلامية مع نجل نتنياهو.
ربما آن الأوان لماكرون أن يقرر: هل سيُذكر كرئيسٍ تردد في اللحظة الأخلاقية الحاسمة؟ أم كقائد أعاد فرنسا إلى موقعها التاريخي، صوتًا للحرية والكرامة، كما فعل شيراك؟