أمانة في عنقي..!
الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري-يوصيني خيرا بقصائده..
محمد المحسن
أمد/ أن نكون بكامل عطرنا،وبكل توقنا للصدق والجمال،وهما يعقدان قرانا بينهما هو الأبهى والأوفى.
وهنا لا أخفي مشاعري وابتهاجي بما وجدته من جديد في عدد من قصائد الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري..
هذه القصائد التي-أوصاني-خيرا بها..إن حصل له-مكروه-لا قدّر الله..
لكنني أكاد أقول أني”خنت الأمانة”ولم أستطع الإحتفاظ بها تحت الأرض أو فوق السماء لشدة توهجها ولمعانها..
فمعذرة يا شاعرنا العظيم..فما خنتك يوما..
ولكنني هذه المرة سأفعل من أجل قارئ أراه يتمطى في إتجاهي عبر التخوم..
وأنا على يقين بأنه سيسلبني قصائدك قسر إرادتي..ليس سطوا..إنما هو شوق جارف وعارم لوجبة شعرية دسمة أزعم أن العالم العربي بأسره يعرف مذاقها..
وقبل أن أعبر إلى عالمك الشعري-يا محمد- لابد من الوقوف في حضرة القصيدة،والإصغاء بما نقوى عليه أمام هذا -البوح العابق والباذخ -فالجديد ليس في المضمون وحده،ولا في الشكل وحده،بل في هذه الوحدة التكاملية وما بينهما من تناغم وتناسق وانسجام،ليؤديا معا ما رمت إليه القصيدة..
قطعتان من قلبي القطعة الأولى :
نظر المنجّم في دمي
سقط المنجّم في السؤالِ
يا كلّ سكان الفتى هل
من سبيل للحوارِ ؟
تكاد تنقرض التحيّة بين أشجار البلاد
تكاد تنقرض الظلالُ وحرّ شمسك يا حمى سيظلّ ظلّي للدواب وللزواحف والحمامِ
القطعة الثانية :
إن لاح نجمك في السماءْ وهوت نجومي كلّها وركضت تبحث عن دمي المطلوب،فاقتلني بحبّْ كم فرّقت بين الأحبّة فكرة
ولكم تزاحم بالمناكب توأمانْ
ولكم تبدّد في الولادة من جنينْ
تتجلى الرؤيا الإبداعية الخلاقة التي ترتقي بالنسق الشعري، وترقى بمستويات مؤشراته الجمالية للشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري،الذي أوحت لي قصائدة التي بين يدي (مدني-كما أشرت-بمختارات شعرية مدهشة،ملتمسا مني-بلطف شديد الإحتفاظ بها-والتعريف بها إن حصل له مكروه لا قدّر الله بإعتباره يعاني منذ زمن من مرض عضال حتما سينتصر عليه ونحتفي جميعا بهذا الإنتصار البهيج القادم على مهل )
وهنا أقول للقارئات الفضليات والقراء الكرام:لا ترتقي الرؤيا الجمالية إلا بمنتوج جمالي،وشكل جمالي جذاب؛وهذا التفاعل والتضافر بين الإحساس الجمالي والشكل الجمالي هو الذي يرقى بالحدث الشعري،ومثيراته الجمالية..
وهذا ما تجلى بوضوح لا تخطئ العين نوره وإشعاعه في جل قصائد محمد الهادي الجزيري.
شفاء لا يغادر سقما -يا محمد-
*ملحوظة: يعاني منذ زمن بعيد-مثلي تماما-الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجزيري من مرض عضال،وهو يقاومه بصبر الأنبياء وبقريحة شعرية فذّة،وعليه أدعو القراء الكرام إلى تسلق ذائقته الشعرية الشاهقة-بحذر شديد-
طهورا بإذن الله.