ثور وديكتا ثور
نصار جرادة
أمد/ الثور أو ذكر البقر هو حيوان ثديي مستأنس من عائلة البقريات ذو كفاءة خاصة في أداء الأعمال الشاقة التي تتطلب قدرة بدنية عالية وقد استعمل قديما على نطاق واسع في الزراعة لحراثة الأرض ودرس الحبوب وفي السواقي لرفع الماء وضخه وكذا في النقل والجر وحديثا في بعض الألعاب الرياضية كمصارعة وركوب الثيران فضلا عن اختصاصاته الإنجابية ، ورغم أنه فائق القوة إلا أنه ضعيف العقل ويستثار بسرعة وإذا هاج يشكل خطرا على الآخرين لذا ينبغي الحذر في التعامل معه خاصة إذا كان مزاجه عكرا وله أشباه كثر في عالم البشر !!.
ورغم أن الثيران في الأصل والأساس حيوانات برية جامحة إلا أن بعض أنواعها لا تستطيب الحياة والعيش إلا في زرائب قذرة محروسة تابعة لمخلوقات أكبر قرنا وأضخم بدنا تدعى ديكتا ، ترعاها وتغذيها ، تسوقها وتسوسها ولا تستطيع كائنات الديكتا هذه تحقيق رغباتها السوية أو المريضة ، الوطنية أو المشبوهة وفرضها على أرض الواقع بدون ثيران خادمة تابعة طيعة ، وعليه فالعلاقة ضرورية وحيوية لكلا الطرفين وربما بنفس القدر !!.
وغالبا ما تكون الثيران التي هي موضوع مقالنا فتيّة نزقة طائشة ، صاحبة علم شهادي صوري ووعي سطحي ظاهري ، بلا خبرة حياتية كافية أو ثقافة حرة راقية ، وكارثة عظمى ومصيبة كبرى تحل على القطيع إذا شذ أحد الثيران الكبار وصار ثورجيا !! فهو لن يكتفي حينها بالاستيلاء على نصيب غيره من العلف والذرة والشعير بل سيفرض نفسه قائدا ومعلما وموجها ولو كان ذلك أول الأمر في نطاق ضيق أو محلي !!.
وإذا واتت شلة من الثيران المتمرغة الجامحة فرصة للتمدد والسيطرة ووجدت دعما خارجيا من ثيران صديقة قوية وازنة فهي قد تنقلب وتتحول لعصابة أمر واقع وتسوق القطيع المذعن إلى حتفه أو إلى حافة الهاوية وقد حصل ذلك مرات عديدة في واقعنا المعاصر ولكن أكثر الناس لا يعلمون !!.
وقد ساد لدى جماعة الثيران منذ أمد بعيد سحيق اعتقاد عجيب غريب مفاده أن : ( شعيرهم مقدس !! ) وبأنه الوحيد الحلال الصالح لذا ترفض تناول غيره أو التفكير مجرد تفكير في ذلك !!.
فضلا عن اعتقاد جازم بأن خاصتهم وذوي القرون الكبيرة منهم يملكون وحدهم الحقيقة المطلقة وبأن الباطل لا يمسسهم ولا يأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم لأنهم من طينة خاصة مغايرة وبأن تضحياتهم ذهبية سامية لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بتضحيات عوام البقر !!.
وفي كل محاولاته للنيل من خصمه الذكي الرقيق الرشيق في حلبة النزال كان الثور يفشل لضعف عقله وسوء تدبيره وقلة تركيزه في النيل ممن يصارعه لينطح الهواء والفراغ فقط ويعاود ذلك عشرات المرات بلا أدنى نتيجة أو فائدة حتى يضنيه التعب والإرهاق فيستسلم في نهاية الأمر مرغما لقدره الأحمق السلبي الأكيد !!.
وقد أدرك حكماء الخلق منذ زمن بعيد سحيق مقدار سخافة رأي الثور وسوء فعاله فضربوا في ذلك الأمثال ومنها ( خذ الشور من رأس الثور ) و ( الثلم الأعوج من الثور الكبير ) فيا ليت قومي يفهمون ويدركون ، يتركون ويغيّرون !!!.