حصار عسكري متواصل على شمال القطاع..
أوتشا تنشر تقريرا مفصلا لآخر المستجدات الإنسانية والصحية في غزة
أمد/ نيويورك: استعرض مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في تقرير مفصل يوم الخميس الأوضاع الإنسانية والصحية التي يعاني منها المواطنون المدنيون في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي لليوم الرابع والعشرون من العام الثاني على التوالي.
النقاط الرئيسية
أشارت التقارير إلى ما لا يقل عن سبع احداث أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في شتى أرجاء غزة خلال الأسبوع الماضي، بما فيها أربع احداث في شمال غزة.
تناشد وزارة الصحة لنشر الفرق الطبية وسيارات الإسعاف ومركبات الدفاع المدني على الفور من أجل إنقاذ الأرواح في شمال غزة، بالنظر إلى أنه لم يتبقى سوى طبيبين اثنين في مستشفى كمال عدوان الذي يرزح تحت أعباء هائلة.
لا يموت الأطفال في غزة بسبب القنابل والرصاص والقذائف وحدها، بل لأن أولئك الذين يبقون على قيد الحياة منهم يُمنعون من مغادرة غزة للحصول على الرعاية التي تنقذ حياتهم. ووفقًا ليونيسف، لم يُسمح لغير 127 طفلًا في حالات صحية حرجة بمغادرة القطاع منذ شهر أيار/مايو.
لا تزال المدارس، بما فيها تلك التي تؤوي الأشخاص النازحين، تتأثر بتصعيد الأعمال القتالية، بما فيها الغارات الجوية وعمليات الإخلاء القسري والقصف والحرق المتعمد. وبين يومي 13 و26 تشرين الأول/أكتوبر، وثّقت مجموعة التعليم 31 حادثة من هذه الاحداث، بما فيها 20 حادثة في شمال غزة.
المستجدات على صعيد الحالة الإنسانية
لا تزال التقارير تشير إلى استمرار عمليات القصف الإسرائيلي من البر والبحر والجو في شتى أرجاء قطاع غزة، مما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين وتهجير عدد أكبر منهم وتدمير المنازل وغيرها من البنى التحتية المدنية. وفي محافظة شمال غزة، ما زال الجيش الإسرائيلي ينفذ هجومًا بريًا منذ يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر ويفرض حصارًا مشددًا عليها، ولا سيما حول منطقة مخيم جباليا للاجئين، وسط غياب يكاد يكون تامًا للمعونات الإنسانية التي تدخل هذه المنطقة، فضلًا عن تعطُّل خدمات الاتصالات والإنترنت إلى حد كبير فيها. وجرت عرقلة الجهود التي ترمي إلى إرسال المساعدات المنقذة للحياة إلى التجمعات السكانية والأسر في المناطق الشديدة الخطورة. وبين يومي 6 و28 تشرين الأول/أكتوبر، رُفض 36 طلبًا قُدِّم للسلطات الإسرائيلية لتنسيق وصول بعثات المعونات الحيوية التي تستهدف جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا (وكلها في محافظة شمال غزة)، بينما واجهت 14 بعثة العراقيل ويُسّرت 23 بعثة.
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، قتل 343 فلسطينيًا وأصيب 914 آخرين بين ساعات ما بعد الظهر من يومي 22 و29 تشرين الأول/أكتوبر. وبين يومي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و29 تشرين الأول/أكتوبر 2024، قتل ما لا يقل عن 43,061 فلسطينيًا وأصيب 101,223 آخرين في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. كما أفادت وزارة الصحة بأن هذه الأرقام لا تشمل الحادثة التي شهدت سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في بيت لاهيا في صباح يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر، ولا أعداد الضحايا الذين سقطوا في شمال غزة في يومي 25 و26 تشرين الأول/أكتوبر (انظر أدناه).
بين ساعات ما بعد الظهر من يومي 22 و29 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت التقارير بمقتل تسعة جنود إسرائيليين في غزة وفقًا للجيش الإسرائيلي. وبين يومي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و29 تشرين الأول/أكتوبر 2024، قتل أكثر من 1,565 إسرائيليًا وأجنبيًا، غالبيتهم في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر والفترة التي أعقبته مباشرة، وفقًا للجيش الإسرائيلي وحسبما نقلته الوسائل الإعلامية الإسرائيلية عن المصادر الرسمية الإسرائيلية. ويشمل هؤلاء 365 جنديًا إسرائيليًا قتلوا في غزة أو على امتداد الحدود في إسرائيل منذ بداية العملية البرية، كما أشارت التقارير إلى إصابة 2,373 جنديًا منذ بداية العملية البرية.
خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة، نزح أكثر من 71,000 شخص من محافظة شمال غزة إلى مدينة غزة، على حين لم يبرح نحو 100,000 شخص أماكنهم في شمال غزة، وفقًا لآخر التقديرات الصادرة عن الأمم المتحدة وشركائها. وفي 25 تشرين الأول، أعلن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني أنه اضطُر إلى وقف عملياته في شمال غزة، مما ترك المنطقة دون خدمات الدفاع المدني المنقذة للحياة، بما فيها مكافحة الحرائق والبحث والإنقاذ والمساعدات الطبية الطارئة. وقال جهاز الدفاع المدني إن أفراد عدة من طواقمه اعتُقلوا، بمن فيهم اثنان في مستشفى كمال عدوان، وأصيب ثلاثة آخرون وتعرضت آخر مركبة لإطفاء الحرائق في شمال غزة للقصف ودُمِّرت. ويزيد النقص الحاد في إمدادات الغذاء والمياه واللوازم الطبية من تفاقم الأزمة الإنسانية في جباليا. ووفقًا لقطاع الأمن الغذائي، لم يزل المخبزان في محافظة شمال غزة مغلقان حتى يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر بسبب تصعيد الأعمال القتالية وعلّقت المطابخ الثمانية التي كانت تزاول عملها حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر عملياتها أو بات من المتعذر الوصول إليها.
في 26 تشرين الأول/أكتوبر، صرحت السيدة جويس مسويا، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة جهود الإغاثة في حالات الطوارئ، بقولها: «إن ما تفعله القوات الإسرائيلية في شمال غزة المحاصر لا يمكن السماح باستمراره. فالمستشفيات تُقصف والعاملون الصحيون يُعتقلون. ومراكز الإيواء يجري تفريغها وحرقها. ويُمنع المستجيبون الأولون من إنقاذ الناس من تحت الأنقاض. والأسر تُشتت والرجال والفتيان يؤخذون على متن الشاحنات. وتفيد التقارير بأن المئات من الفلسطينيين قُتلوا. وأُجبر عشرات الآلاف على النزوح مرة أخرى. ويتعرض سكان شمال غزة عن بكرة أبيهم لخطر الموت.» وفي اليوم التالي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته من «المستويات المروعة لحالات الموت والإصابات والدمار في الشمال، إذ يحاصَر المدنيون تحت الأنقاض، ويقضي المرضى والمصابون نحبهم دون أن يتلقوا الرعاية الصحية التي تنقذ حياتهم، وتفتقر الأسر إلى الغذاء والمأوى وسط تقارير تشير إلى تشتيت الأسر واعتقال عدد كبير من الأشخاص،» وحذر من أن «انتشار الدمار والحرمان على نطاق واسع... يجعل ظروف الحياة غير محتملة بالنسبة للسكان الفلسطينيين هناك.»
بين يومي 22 و29 تشرين الأول/أكتوبر، أشارت التقارير إلى ما لا يقل عن سبع احداث سقطت فيها أعداد كبيرة من الضحايا في شتى أرجاء غزة، بما فيها أربع احداث في محافظة شمال غزة. ففي 24 تشرين الأول/أكتوبر، قُصفت مدرسة الشهداء في مخيم النصيرات للاجئين بدير البلح وأفادت التقارير باندلاع النيران فيها. ووفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي، قتل 17 فلسطينيًا، بمن فيهم تسعة أطفال، وأصيب ما يزيد عن 52 آخرين. وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر، نقلت التقارير مقتل 25 شخصًا عندما قصف منزلان في منطقة مشروع بيت لاهيا. وفي يومي 24 و25 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت وزارة الصحة بمقتل ما مجموعه 38 فلسطينيًا وإصابة العشرات غيرهم، ومعظمهم من الأطفال والنساء، عندما دمرت عدة بنايات سكنية في أثناء عملية عسكرية في منطقتي قيزان النجار والمنارة في خانيونس، على حين فُقد نحو 20 شخصًا وفقًا للدفاع المدني الفلسطيني. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، قتل ما لا يقل عن 30 شخصًا وأصيب العشرات عندما قصف مربع سكني قرب المفترق الشرقي في بيت لاهيا حسبما ورد في التقارير، على حين لم يزل البعض تحت الأنقاض بسبب تعليق خدمات الدفاع المدني الفلسطيني في شمال غزة. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر، أشارت التقارير إلى مقتل 11 فلسطينيًا، من بينهم فتاة وأربع نساء، عندما قصفت مدرسة أسماء التابعة لوكالة الأونروا والتي تُستخدم كمركز لإيواء المهجرين في مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر، قتل 93 فلسطينيًا أو فقدوا تحت الأنقاض في أعقاب غارة إسرائيلية على بناية سكنية في بيت لاهيا حسبما جاء على لسان وزارة الصحة.
كانت الاحداث التالية من بين أكثر الاحداث الدامية التي نقلتها التقارير بين يومي 21 و27 تشرين الأول/أكتوبر:
عند نحو الساعة 12:35 من يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت التقارير بمقتل تسعة فلسطينيين من الأسرة نفسها عندما قصف منزل في منطقة الزرقا شمال شرق مدينة غزة.
عند نحو الساعة 09:20 من يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر، أشارت التقارير إلى مقتل ثمانية فلسطينيين، من بينهم خمسة ذكور على الأقل، وإصابة آخرين عندما قصفت مجموعة من الفلسطينيين في حي الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة.
عند نحو الساعة 16:30 من يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر، قتل ستة فلسطينيين عندما قصف منزل يؤوي مهجرين في جباليا البلد بشمال غزة، حسبما نقلته التقارير.
عند نحو الساعة 1:00 من يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر، قتل 10 فلسطينيين وأصيب آخرون عندما قصف منزل يؤوي مهجرين في مشروع بيت لاهيا بشمال غزة، حسبما ور في التقارير.
يعوق الاستهداف المتواصل للمدارس بشدة الاستجابة التعليمية في حالات الطوارئ في جميع أنحاء غزة. فبين يومي 13 و26 تشرين الأول/أكتوبر، أشارت التقارير إلى 31 حادثة ألحقت الأضرار بما مجموعه 22 مدرسة تديرها الأمم المتحدة وثماني مدارس تديرها السلطة الفلسطينية، وأصابت الأضرار بعض المدارس مرات متعددة. ومن بين هذه الاحداث، وقعت 20 حادثة في محافظة شمال غزة. وفي الإجمال، سُجلت 57 حادثة ألحقت الأضرار بالمدارس بين يومي 1 و26 تشرين الأول/أكتوبر، بما فيها الغارات الجوية وعمليات الإخلاء القسري والقصف بالقذائف والحرق المتعمد. ولا تزال هذه الاحداث تلحق المزيد من الدمار بالبنية التحتية التعليمية، مما أسفر عن إزهاق الأرواح وبث الخوف في نفوس الأهالي والأطفال.
لا تزال ظروف الرعاية الصحية بالغة الخطورة في شمال غزة، إذ حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدناهوم غيبريسوس، في 26 تشرين الأول/أكتوبر من «العمليات العسكرية المكثفة التي تتكشف فصولها حول منشآت الرعاية الصحية وداخلها والنقص الحاد في الإمدادات الطبية، والتي يزيد من تعقيدها إمكانية الوصول المقيدة للغاية وحرمان الناس من الرعاية المنقذة للحياة.» فمن بين خمسة مستشفيات كانت تزاول عملها في محافظة شمال غزة قبل شهر تشرين الأول/أكتوبر، لا يزال مستشفيان (وهما مستشفيا كمال عدوان والعودة) يعملان جزئيًا في الوقت الراهن بعدما خرج المستشفى الإندونيسي عن الخدمة.
في 26 تشرين الأول/أكتوبر، أبلغت وزارة الصحة منظمة الصحة العالمية بأن الحصار المفروض على مستشفى كمال عدوان قد انتهى. وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت التقارير بأن الجنود الإسرائيليين دخلوا المستشفى، حيث كان 600 شخص موجودين فيه، بمن فيهم 195 مصابًا ومريضًا. ووفقًا لوزارة الصحة، أصيب ثلاثة ممرضين وأحد عمال النظافة في حين دُمرت ثلاث سيارات إسعاف ومركبة نقل ونظام لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في يومي 25 و26 تشرين الأول/أكتوبر. ومن بين العاملين في المستشفى والبالغ عددهم 70 موظفًا، اعتقل الجيش الإسرائيلي 44 موظفًا ذكرًا، من بينهم 30 لا يزالون قيد الاعتقال، على حين أجبر الآخرين على الانتقال نحو الجنوب. ووصفت وزارة الصحة، في بيان صحفي أصدرته في 29 تشرين الأول/أكتوبر، حالة مروعة في مستشفى كمال عدوان بالنظر إلى أن المنشأة اضطرت إلى التعامل مع أعداد كبيرة من الإصابات الجديدة في الصباح نفسه، حيث كان مدير المستشفى وطبيب أطفال فحسب يكافحان في سبيل مساعدة 150 مصابًا، دون وجود فرق من الجراحين أو أطباء التخدير أو العناية المركزة. وناشدت وزارة الصحة نشر الفرق الطبية على الفور، ولا سيما الفرق الجراحية، فضلًا عن سيارات الإسعاف ومركبات الدفاع المدني من أجل إنقاذ الأرواح.
وقبل ساعات قليلة من اقتحام مستشفى كمال عدوان في 24 تشرين الأول/أكتوبر، تمكّنت منظمة الصحة العالمية، مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ودائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام ومؤسسة كادوس (CADUS) وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، من الوصول إلى المستشفى وتقديم 10,000 لتر من الوقود، و180 وحدة دم والأدوية التي تغطي احتياجات 5,000 مريض، بالإضافة إلى إمدادات جراحات الإصابات والمواد الكحولية لـ1,600 تدخل. كما نقلت هذه البعثة 23 مريضًا من ذوي الحالات العصيبة، إلى جانب 26 من مقدمي الرعاية، إلى مستشفى الشفاء في محافظة غزة، وأمدّت هذا المستشفى بلوازم المختبرات والأدوات التي تغطي احتياجات 6,000 شخص. وأفاد د. ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، في إحاطة قدّمها للصحافة في جنيف بشأن هذه البعثة، بأن الفريق شهد على حاجز مقام قرب مستشفى كمال عدوان «آلاف النساء والأطفال الذين كانوا يغادرون المنطقة وهم يمشون مثقلين بمقتنياتهم القليلة في اتجاه [طريق] صلاح الدين ومدينة غزة.» وأضاف بيبركورن أن الفريق شاهد «الاضطراب والفوضى» في مستشفى كمال عدوان، حيث كان قسم الطوارئ يغصّ «بالمصابين بجروح مروعة،» وطاقم المستشفى يرزح تحت أعباء هائلة تفوق قدراته ويفتقر إلى التجهيزات التي تلزمه للتعامل مع حالات الإصابات الجماعية، والمئات من الناس الذين كانوا يبحثون عن مأوى في كل زاوية بالمنشأة.
وبالنسبة للمستشفى الإندونيسي، لاحظت منظمة الصحة العالمية خلال البعثة التي نفّذتها في 24 تشرين الأول/أكتوبر أن الجدار الذي يحيط بالمستشفى تعرّض للهدم، وأفادت مجموعة الصحة بأن إمدادات الغذاء والمياه لم تكن متاحة للمرضى والطواقم الطبية والنازحين حتى يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، وأن أربعة مرضى توفوا بين يومي 20 و26 تشرين الأول/أكتوبر وأن السلطات الإسرائيلية منعت وصول بعثة قادتها منظمة الصحة العالمية لإرسال الغذاء والمياه والإمدادات الطبية إلى المستشفى. وأخيرًا، لا يمكن الوصول إلى مستشفى العودة بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق، حيث كان 151 شخصًا، من بينهم 65 موظفًا و43 مريضًا و36 مرافقًا وسبعة أطفال، لا يزالون موجودين في هذه المنشأة حتى يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا لمجموعة الصحة. ويفتقر هذا المستشفى إلى المياه الصالحة للشرب ويعتمد بصورة أساسية على مياه الآبار غير المعالجة. وأصابت الأضرار أنابيب المياه المركزية، مما يحد من وفرة المياه ويقلصها إلى ساعتين في اليوم.
أجبر «العنف المتصاعد والقصف المكثف وأوامر الإخلاء الجماعي وغياب الهدن الإنسانية المضمونة في معظم أنحاء شمال غزة» اللجنة الفنية المعنية بشلل الأطفال في غزة، والتي تضم وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف والأونروا وشركاءها، على تأخير المرحلة الثالثة والأخيرة من حملة التطعيم الطارئة ضد شلل الأطفال، والتي كانت تسعى إلى تقديم الجرعة الثانية من لقاح شلل الأطفال الفموي المستجد من النمط 2 لما مجموعه 119,279 طفلًا في المحافظات الشمالية. وبينت منظمة الصحة العالمية واليونيسف، في بيان صدر عنهما، أن «الظروف الراهنة، بما فيها الهجمات المستمرة على البنية التحتية المدنية لا تزال تعرض سلامة الأشخاص وتنقلهم في شمال غزة للخطر، مما يجعل من المستحيل على الأسر أن تُحضِر أطفالها بأمان من أجل الحصول على التطعيم وعلى العاملين الصحيين أن يؤدوا عملهم.» وفي أعقاب المفاوضات الدائمة، جرى التوصل إلى اتفاق مع الأطراف من أجل تنفيذ حملة التطعيم بين يومي 2 و4 تشرين الثاني/نوفمبر في محافظة غزة. وحذرت اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية من أن استكمال المرحلة الثالثة والتأكد من تطعيم ما لا يقل عن 90 في المائة من جميع الأطفال في كل تجمع سكاني وحي يعد أمرًا بالغ الأهمية من أجل وقف انتقال فيروس شلل الأطفال في غزة ودرء خطر إصابة المزيد من الأطفال بالشلل.
عطلت الهجمات الأخيرة على موظفي قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية ومنشآته، والحصول على إمدادات الوقود على نحو متقطع والعمليات العسكرية إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة بشدة. ففي 19 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت التقارير بأن أربعة مهندسين من مصلحة مياه بلديات الساحل تعرضوا للقصف وهم مسافرون على متن مركبة تحمل علامات واضحة خلال بعثة وافقت السلطات الإسرائيلية عليها في صباح هذا اليوم نفسه. وعقب ذلك، علّقت مصلحة مياه بلديات الساحل معظم عملياتها في المناطق التي تستدعي التنسيق مع السلطات الإسرائيلية. ووفقًا لمجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، أسفرت الغارة التي استهدفت حقل آبار الصفا في مدينة غزة في 24 تشرين الأول/أكتوبر عن مقتل اثنين من مشغّلي الآبار البلدية وإلحاق الأضرار بهذا المصدر المائي الحيوي الذي يحتوي على أربع آبار، تبلغ القدرة الإنتاجية لكل واحد منها 500 متر مكعب في الساعة. وبينما من المقرر إجراء تقييم لهذا الموقع، فمن المحتمل أن تؤثر الأضرار تأثيرًا سلبيًا على إمدادات المياه في مدينة غزة، حيث تُعدّ مصادر المياه الجوفية محدودة والنازحون لا يزالون ينتقلون من جباليا. وفي الآونة الأخيرة، أجبرت إمكانية الحصول على الوقود على نحو متقطع ثمانية من مقدمي خدمات المياه من القطاع الخاص على وقف عملياتهم في مدينة غزة وتقليص مستويات الإنتاج من الآبار البلدية إلى حد كبير. وأشار تقييم أجرته مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية مؤخرًا إلى شح المياه على نحو ينذر بالخطر في شتى أرجاء قطاع غزة، حيث يستهلك نحو ثلثي الأسر، أو ما يقرب من 1.4 مليون شخص، نسبة تقل عن الكمية الموصى بها وهي ستة لترات لكل شخص من المياه لأغراض الشرب والطهو، على حين يفتقر نحو نصف السكان إلى الحد الأدنى الذي يبلغ 15 لترًا من المياه لكل شخص لأغراض الشرب والطهو والنظافة الصحية.
شدد الناطق الرسمي باسم اليونيسف، جيمس إيلدر، في 25 تشرين الأول/أكتوبر، على أن «الأطفال في غزة لا يموتون بسبب القنابل والرصاص والقذائف وحدها،» بل لأنهم في حال بقوا على قيد الحياة «يُمنعون من مغادرة غزة للحصول على الرعاية العاجلة التي تنقذ حياتهم.» فمنذ إغلاق معبر رفح في 7 أيار/مايو، لم يُسمح بالإجلاء الطبي إلا ما مجموعه 127 طفلًا – يعاني عدد كبير منهم من الإصابات في الرأس وبتر في الأطراف والحروق والسرطان وسوء التغذية الحاد – إلى خارج غزة. وقبل إغلاق المعبر، تم إجلاء 296 طفلًا لأسباب طبية إلى الخارج بين يومي 1 كانون الثاني/يناير و7 أيار/مايو. ونشرت اليونيسف، التي أثارت جزعها «الأرقام التي لم تدفع من يملكون القوة والنفوذ إلى التصرف»، قصص ثلاثة من أطفال كثيرين محاصرين في غزة، وهم: طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا تحتاج إلى عملية جراحية عاجلة في العظام في أعقاب جروح بالغة أصابتها في وجهها (رُفض إجلاؤها الطبي أربع مرات)، وطفل يبلغ من العمر ستة أشهر ويعاني من سرطان في العضلات وسوء التغذية الحاد، وثمة أنبوب مغروز في كلْيته وينتظر إجلاءه منذ شهرين في خيمة، وطفلة تبلغ أربعة أعوام من عمرها فقدت رجلها وأصابعها وأصيبت بحروق من الدرجة الرابعة ومعرضة لخطر بتر آخر في يدها ورجلها الأخرى إن لم يتم إجلاؤها على الفور. ولم تحصل الحالة الأخيرة على الموافقة على إجلائها الطبي إلا في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، دون تحديد موعد لمغادرتها، بعدما توفيت والدتها، التي رُفض إجلاؤها الطبي بعد إصابتها بالحروق من الدرجة الرابعة والتسمم الدموي الحاد، في 23 تشرين الأول/أكتوبر. وفي الإجمال، تقدر منظمة الصحة العالمية أن 14,000 مريض في حاجة مستعجلة إلى الإجلاء الطبي خارج غزة، حيث لم توافق السلطات الإسرائيلية إلا على 39 في المائة من جميع طلبات الإجلاء الطبي منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولم يغادر سوى 33 في المائة من المرضى القطاع. ومنذ إغلاق معبر رفح، لم يتم إجلاء سوى 229 مريضًا مع 316 مرافقًا على أساس استثنائي في ست فترات، وتواصل منظمة الصحة العالمية المناشدة باستعادة الممرات الطبية إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وإلى مصر والأردن كذلك، حيث يمكن تحويل المرضى منها حسبما تقتضيه الضرورة.
لا يزال العاملون في مجال تقديم المعونات والمستجيبون في حالات الطوارئ يواجهون تحديات عسيرة في مساعدة الناس في شتى أرجاء قطاع غزة، وغالبًا ما يواجهون مخاطر هائلة تهدّد سلامتهم الشخصية. فمنذ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2024، قتل ما لا يقل عن 14 عاملًا في مجال تقديم المعونات وأربعة عاملين صحيين وأصيب آخرون في مختلف أنحاء قطاع غزة، وكان بعضهم خارج أوقات خدمتهم. ويشمل هؤلاء سبعة من موظفي الأونروا وسبعة موظفين كانوا يعملون لدى منظمات غير حكومية محلية ودولية. ومنذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتل ما لا يقل عن 322 عاملًا في مجال تقديم المعونات، من بينهم 315 فلسطينيًا وسبعة أجانب. ومن بين هؤلاء 237 موظفًا من موظفي الأمم المتحدة (من بينهم 233 موظفًا من موظفي الأونروا)، و33 موظفًا ومتطوعًا لدى الهلال الأحمر الفلسطيني وما لا يقل عن 52 عاملًا من العاملين في مجال تقديم المعونات لدى منظمات غير حكومية محلية ودولية.
في 26 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن توسيع المنطقة التي كان يوجّه الأوامر إلى الفلسطينيين بالانتقال إليها في المواصي. ويلغي هذا الأمر إخطارات الإخلاء السابقة التي كانت تغطي مساحة تصل إلى 11 كيلومترًا مربعًا في خانيونس ودير البلح، مما أدى إلى توسيع هذه المنطقة إلى 68 كيلومترًا مربعًا أو ما يقرب من 19 في المائة من المساحة الكلية لقطاع غزة. وفي الإجمال، أصدر الجيش الإسرائيلي أكثر من 65 أمرًا بالإخلاء منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر، من بينها أربعة أوامر ألغيت في أوقات لاحقة. وحاليًا، تخضع ما نسبته 80 في المائة من مساحة غزة لأوامر الإخلاء.
من بين 580 بعثة كانت مقررة لإرسال المساعدات في شتى أرجاء قطاع غزة واستدعت التنسيق مع السلطات الإسرائيلية بين يومي 1 و28 تشرين الأول/أكتوبر، مُنع وصول 44 في المائة منها (254 بعثة)، ويُسرت 36 في المائة (212 بعثة)، وعُرقلت 16 في المائة (92 بعثة) وأُلغيت 4 في المائة (22 بعثة) بسبب التحديات اللوجستية والأمنية. وهذه تشمل 93 بعثة كانت منسقة لإرسال المعونات وسعت إلى تقديم المساعدات الإنسانية في محافظتي شمال غزة وغزة عبر حاجز الرشيد، حيث لم تيسر السلطات الإسرائيلية سوى 8 في المائة (سبع بعثات) منها.
يسلط تقييم مشترك أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) مؤخرًا الضوء على أن مؤشر التنمية البشرية في غزة سوف ينخفض إلى 0.408 – وهو المستوى المقدر لسنة 1955، مما يمحو أكثر من 69 عامًا من التقدم التنموي. ومن المتوقع كذلك أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية للضفة الغربية إلى 0.676، مما يعكس خسارة قدرها 16 عامًا، ويحذّر التقييم من زيادة التراجع المرجح إذا ما توسعت التوغلات العسكرية في الضفة الغربية، ومن المتوقع أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية العام للأرض الفلسطينية المحتلة بمقدار 24 عامًا. ويتوقع أن يرتفع معدل الفقر في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى 74.3 في المائة في عام 2024، بالمقارنة مع 38.8 في المائة في سنة 2023، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين، بمن فيهم 2.61 مليون مواطن جدد ينضمون إلى مصاف الفقراء. ويشدد التقييم على أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر متعدد الأبعاد قد زاد إلى أكثر من الضعف خلال سنة 2024، حيث ارتفع من 24.1 في المائة إلى 55.4 في المائة في شتى أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وشملت أكبر الزيادات في معدلات الحرمان عبر مؤشرات دليل الفقر المتعدد الأبعاد حرية التنقل، والموارد النقدية، والبطالة، والوصول إلى الرعاية الصحية والالتحاق بالمدارس. كما يبين التحليل أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 35.1 في المائة في سنة 2024 مقارنة بسيناريو غياب الحرب، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9 في المائة. وأكد أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن «التوقعات الواردة في هذا التقييم الجديد تؤكد أنه في قلب المعاناة الإنسانية والخسائر الفادحة في الأرواح، تلوح في الأفق إرهاصات أزمة إنمائية خطيرة تعرّض مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة للخطر.» وأضاف قائلًا إن «التقييم يشير إلى أنه، حتى لو تمّ تقديم المساعدات الإنسانية كل عام، فإن الاقتصاد قد لا يستعيد مستوى ما قبل الأزمة لمدة عقد أو أكثر،» وخاصة في ظل نموذج غياب أية جهود للتعافي المبكر أو نموذج للتعافي المبكر المقيد.
التمويل
حتى يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر، صرفت الدول الأعضاء نحو 2 مليار دولار من التمويل المطلوب وقدره 3.42 مليار دولار (60 في المائة) لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا لدى 2.3 مليون نسمة* في غزة و800,000 آخرين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، للفترة الواقعة بين شهري كانون الثاني/يناير وكانون الأول/ديسمبر 2024.