: في ذكرى مجزرة حمام الشط .. وتستمر المجازر!!
د. عبد القادر فارس
أمد/ في مثل هذا اليوم قبل 39 عاما ، في الأول من أكتوبر عام 1985 ، وفي حدود الساعة العاشرة والنصف من صباح ذلك (الثلاثاء الأسود) شن سلاح الجو الإسرائيلي غارة جوية على مقرات تواجد قيادة منظمة التحرير وحركة فتح ، مستهدفة مقر الزعيم الراحل ياسر عرفات في بلدة حمام الشط بضواحي تونس العاصمة ، وأسفرت الغارة التي نفذتها ثماني طائرات عن استشهاد (56 فلسطينيا) من الضباط العسكريين والكوادر العاملين في مكاتب الثورة و18 تونسياً من المدنيين ، وإصابة العشرات ، حيث اختلط الدم الفلسطيني والتونسي على أرض تونس .
في ذلك اليوم كان مقرراً عقد اجتماع للقيادة الفلسطينية برئاسة أبو عمار إلا أن ظرفا طارئا أدى إلى تأخر وصوله إلى مقر الاجتماع ، لينجو هو وأركان القيادة الفلسطينية ، من تلك المجزرة ، التي خططت فيها اسرائيل لاغتيال أبو عمار ، ونجا من الموت المحقق في ذلك اليوم .
حينها كنت مقيما في الجزائر ، وأعمل فس سفارة فلسطين بالجزائر ، وكانت تقام بطولة كأس فلسطين العربية للشباب ، بمشاركة 12 منتخبا عربيا ، وكنت المشرف على إدارة الفريق من قبل سفارة فلسطين بالجزائر ، وقد تواجدنا في ذلك اليوم في حدود الواحدة ظهرا ،لإجراء مباراة مع المنتخب الجزائري عند الساعة الثالثة بعد الظهر ، عندما جاءنا الخبر الصادم عن الغارة الاسرائيلية على حمام الشط ، وسقوط عشرات الشهداء ، وكان من بين أعضاء الفريق زملاء قدموا من تونس ، حيث ساد الجو الحزن والغضب ، وبدأت الاتصالات بتونس للاستفسار عن أقاربهم هناك .
ووسط هذا الجو المثقل بالحزن ، عرض المنظمون أن يتم تأجيل المباراة بين المنتخبين الفلسطيني والجزائري ، لكن اللاعبين الفلسطينيين وقيادة الفريق ، أصروا على إجراء المباراة في موعدها، قائلين إن مسيرة الشهداء لن توقف مسيرة الثورة ، وانطلقت المباراة في موعدها ، بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء ، وسط هتافات الجماهير الجزائرية المدوية " فلسطين الشهداء " ، ورفعت الاعلام الفلسطينية ، وسط التكبيرات والهتاف بالنصر لفلسطين ، وأدى اللاعبون الفلسطينيون المباراة بكل جهد ممكن رغم الألم الكبير ، وتمكن الفريق الفلسطيني من الفوز بهدف للا شيء ، وسط فرحة مكتومة ، أثقلها حزن عميق في ذلك اليوم.
تأتي هذه الذكرى ، في ظل استمرار المجازر اليومية ، وحرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال النازية على قطاع غزة ، ونحن نقترب من نهاية عام كامل عليها ، قتلت فيها حكومة اليمين الفاشي اليميني برئاسة بنيامين نتنياهو المتخالفة مع غلاة المستوطنين من الأحزاب الصهيونية والدينية ، أكثر من خمسن ألف مواطن فلسطيني ، معظمهم من الأطفال والنساء ، بينما وصل عدد المصابين والجرحى أكثر من 100 ألف ، وسط إبادة شبه كاملة للبنية التحتية والمباني العامة ومساكن الأهالي ، في مشهد الدمار الشامل لقطاع غزة ، وفي الوقت نفسه تنتقل آلة القتل والدمار إلى أرض لبنان الشقيق ، في غطرسة وعنجهية القوة الإسرائيلية المدعومة أميركيا وأوروبيا ، وعجز دولي عن لجم العدوان ، رغم كل قرارات المؤسسات الدولية .
في الذكرى نعيد التذكير بكل المجازر السابقة والحالية ، وربما اللاحقة ، ونؤكد لن نغفر ، ولن ننسى !!