أمد/ احبتي الاعزاء : كنت افكر ان ازودكم بالحلقة الرابعة من مقالاتي : رموز تعيش في قلبي وعقلي , عبر مسيرتي المتواضعة في خدمة قضيتي ووطني واهلي . لكن الاحداث المتتاليه والتصاعد الرائع في مقاومتنا الباسلة في جنين ونابلس وطولكرم وباب الخليل في القدس واريحا شغلتني عن تقديم رموز واحداث من الماضي ,ودعيت من صديقي العزيز المخرج الدكتور احمد فؤاد درويش لحضور فيلم اخرجه عن الفنان الكبير في الفن التشكيلي محمد حجي في دار الاوبرا المصرية , في جو ارتفعت فيه حرارة الجو وحرارة الفيلم , والحديث الخصب من ابن الفنان الذسعدنا بسرديته عن والده رمز الوفاء لهذه الامة وشعوبها , الذي رسم لوحاته وكانه خطها على صفحات قلبه , وحظيت فلسطين بعدد ليس بالقليل من الرسومات تناول فيها الفنان فلسطين والمقاومة والانتفاضة والنكبة واللاجئين الذين هجروا عام 1948 , شدني الفيلم وطلبت الكلمة لاعلق على لوحاته التي تناولت زياراته لساحات الوطن العربي من مراكش الى بغداد وابديت مشاعر الالم انني لم اتعرف على الفنان يوم كنت مستشارا ثقافيا في مكتب منظمة التحرير في القاهره , وقد يكون السبب تعدد سفرات الفنان في جولات كانت تطول احيانا لسنوات في اوطان احبها ورسم احداثها ووثقها في لوحات بالابيض والاسود فيها انحياز واضح لقوى الشعب العربي من عمال وفلاحين وبيئة احتضنت ابناء الوطن وجمال مكوناته على ضوء الاهازيج والموسيقى التي احسن مخرجنا الرائع اختيارها فلوحات فلسطين اقترنت باغنية ام كلثوم : اصبح عندي الان بندقيه , وبقية الاوطان رافقتها الاغاني والموسيقى الساحره في مصر والعراق والمغرب والجزائر , كان التزام الفنان واضحا عبر لوحاته عروبي الاتجاه يؤمن بالقومية العربية ووحدة هذه الامة ناصري حتى العظم ارفق صور القائد عبد الناصر مع كل جزء من الوطن العربي وقف عبد الناصر داعما لشعبه وتحرره , انحاز للمقاومة ومعارك الحرية مثل حرب الاستنزاف ومعركة الكرامة وثورة 25 يناير الشعبية والمقاومة في الجزائر وليبيا وغيرها من انتفاضات امتنا وشعبنا العربي . كل هذا جاء عبر لوحات تعبيرية جميله ابدع فيها المخرج الجميل الدكتور احمد فؤاد درويش ومن معه ممن ساهموا في اخراج هذا الفيلم للفنان المبدع رحمه الله .
كما شغلتني الاحداث والاعتداءات على الماجدات الفلسطينيات في الخليل وذلك الاجرام الذي اقترفه الصهاينة في حق نسائنا , فجاء الرد في عدد من الاماكن اما طعنا بالسكين كما حدث في القدس في باب الخليل وكانه انتقام لما جرى لاخواتنا في الخليل وفي اريحا وفي طولكرم ونابلس وجنين ومخيمها وفي عقبة جبر , واقول حينما اختار شعبنا بجموعه في الوطن المحتل والشتات المقاومة خيارا رئيسا في نضاله لتحرير الوطن كان على حق وكانت رؤيته تعبيرا عن فهم عميق لهذا العدو الفاشي الغاشم , وكنت اقول دائما : لا تتوقعوا خيرا من الامريكان والصهاينة ومن سارر في فلكهم من اعوان ومطبعين المعركة مع هؤلاء وبقية المعارك السياسية هي عوامل مساعدة لفعل الابطال من مقاومينا البواسل . رايت الخوف والرعب في عيون المجندات والجنود الصهاينة بعد حادث الطعن في باب الخليل , والمقاومة هي من سيزيد هذا الرعب والخوف في قلوب هؤلاء الجبناء حثالة الامم .
اعذروني احبتي بهذا الانشغال في هموم الوطن . وساكون معكم غدا في مسيرتي الممتده , ساتناول فيها مشواري الثقافي والتعليمي والعلمي والسياسي في مرحلة من اغنى مراحل النضال القومي في زمن قاد فيه عبد الناصر الامة كل الامة نحو التحرر والوحدة وتطبيق النظام الاشتراكي منحازا للطبقات الكادحة من عمال وفلاحين عانوا ويلات المستعمر وانهك الفقر والمرض مجتمعاتهم فخرج زعيم من صفوف هؤلاء يردد : ارفع راسك يا اخي فقد ولى عهد الاستعباد ويردد لاته في مؤتمر الخرطوم في اعقاب النكسة : لا صلح , لا اعتراف , لا مفاوضات ولا استسلام . وما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة , ووقف داعما للمقاومة الفلسطينية مدافعا عنها حتى اخر لحظة في حياته . وها نحن على ابواب ذكرى رحيله عن امتنا في 28 سبتمبر رحمه الله .
الى اللقاء في الجزء الرابع في حديثي من القلب معكم حفظكم الله ونصر شعبنا وامتنا العزيزه .
/ حديث في الشان الفلسطيني والفنان التشكيلي محمد حجي .