الجذور الستة للصراع الإسرائيلي -الفلسطيني

تابعنا على:   15:01 2023-07-02

رهام عودة

أمد/ 1) جذور سياسية
لاشك أن من أهم جذور الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، هو الصراع السياسي بين الفلسطينيين و الإسرائيليين علي أرض فلسطينية ، قامت إسرائيل بالتدريج باحتلالها ، عبر حقب زمنية مختلفة ، بدءً من يوم النكبة عام 1948 ، مرورا بيوم النكسة عام 1967 و انتهاءً بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية ، و محاولة السيطرة الإسرائيلية على القدس خلال حقبة الألفينيات.

كل تلك المخططات و المحاولات الاستعمارية الإسرائيلية ، أدت إلي تأجيج الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي ، و إلي تأخر عملية السلام بين الطرفين ، وذلك بسبب رفض إسرائيل الاعتراف بالدولة الفلسطينة على حدود 1967.

ومن ناحية سياسية أخرى، ساهم الانقسام الفلسطيني الداخلي في تأخير الحل النهائي للقضية الفلسطينية ، حيث أظهر الانقسام السياسي الفلسطينيين أمام العالم ، كطرف ضعيف و منقسم على نفسه ، و لا يوجد لديه رؤية سياسية واضحة لحل الصراع ، مما قلل ذلك من حجم الدعم العالمي للقضية الفلسطينية .

كل هذه العوامل السياسية الإسرائيلية و الفلسطينية ، جعلت باب الحل النهائي للصراع الإسرائيلي -الفلسطيني ، موصدا أمام الطرفين لعدة عقود طويلة من الزمن ، مما جعل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني من أعقد و أطول الصراعات الدولية في العالم.

2) جذور قيادية
من الواضح جدا أن هناك أزمة قيادة لدى الطرفيين الإسرائيلي و الفلسطيني، أعاقت وجود حل نهائي للصراع الإسرائيلي -الفلسطيني ، فالقيادة الفلسطينية علي سبيل المثال غارقة لأعماقها في إدارة نتائج الانقسام الفلسطيني ، الذي مزق النسيج الفلسطيني ، و قطع أوصال القضية الفلسطينية إلي أجزاء متانثرة و متنافرة ، حيث حتى الآن لا يوجد استراتيجية موحدة للتحرير ، و لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 ، بل هناك عدة أجسام قيادية تتبنى أيدلوجيات متنافرة مع بعضها البعض ، و تتعارض ضمن أهدافها الاستراتيجية لتحقيق الحرية و الاستقلال للشعب الفلسطيني.

للأسف لا يوجد حالياً ، قيادة سياسية فلسطينية ، تستطيع أن تقود دفة السفينة الفلسطينية نحو بر الأمان، مما يُخيب ذلك آمال الشعب الفلسطيني نحو الحصول على الحرية و الاستقلال .

أما بالنسبة للجانب الإسرائيلي ، فحتى الآن مازال الشعب الإسرائيلي يخضع لقيادات يمنية متطرفة تتبنى نظرة أحادية لانهاء الصراع ، و تعتمد علي مشاريع استيطانية تقيد حل الدولتيين ، إلي جانب وجود قيادات اسرائيلية عنصرية تروج لخطاب الكراهية ضد الفلسطينيين ، مثل إيتمار بن غفير، وبتسلايل سموتريش ، مما يُفقد ذلك الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي لأي أمل لحسم الصراع و ترسيم الحدود بين الطرفين.

3) جذور أمنية
إن الوضع الأمني هو من أخطر العوامل التي أدت إلي وجود الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني ، حيث مازال هناك متطلبات أمنية لدى الطرفين من حيث ضمان فترة من الهدوء و الاستقرار على الحدود المشتركة بينهما ، مع مطالبات فلسطينية لوقف اعتداءات المستوطنين علي الفلسطينيين بالضفة الغربية ووقف الحروب الاسرائيلية المتكررة على قطاع غزة .

ويمكن القول ، أنه في كل مرة يحدث بها اعتداء من قبل المستوطنيين على الفلسطينيين في القدس أو الضفة الغربية ، أو يتم شن حرب من قبل الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، يؤدي ذلك إلي ردود فعل عنيفة بين الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي ، تؤجج من حدة الصراع الأمني بين الطرفين.

إن هذا التوتر الأمني بدأ يصبغ القضية الفلسطينية بطابع أمني ، مما حول ذلك القضية الفلسطينية من قضية سياسية تحتاج إلي حل دائم ، إلي قضية أمنية تتعامل معها اسرائيل ، من منطلق أمني بحت لضمان أمن مواطنيها و مستوطينها، وذلك مقابل توفير تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين مع استخدام في نفس الوقت ، سياسة العصا و الجزرة حسب الظروف الامنية و حدة التصعيدات العسكرية بين الطرفين.

لذا في حال كان هناك أي عملية تفاوض جديدة بين الطرفين ، يجب الأخذ بعين الاعتبار الجانب الأمني للصراع ، و محاولة تطبيق معادلة الأرض مقابل الأمن ، أي انسحاب اسرائيل من الأراضي الفلسطينية على حدود عام 1967 ، و اعترافها بالدولة الفلسطينية المستقلة ، مقابل عدم التعرض لأمن مواطنينها.

4) جذور اقتصادية
يُعد الاقتصاد من أهم عوامل حل أي صراع دولي بالعالم ، حيث عندما يتم تمكين الشعوب المستضعفة اقتصاديا و دعم سبل عيشها ، سيؤدي ذلك إلي حدوث انتعاش اقتصادي في البلد التي تعاني من صراع ، و من ثم يتم تخفيض عوامل التوتر بين الطرفين المتنازعين، لأن ذلك سيجعل الشعب يفكر بشكل مركز نحو حل الصراع بدلا من تأجيجه ، لضمان استقرار الوضع الاقتصادي وعدم العودة لحالة الفقر .

ولكن ما يحدث تحت إطار القضية الفلسطينية ، هو تحكم اسرائيلي بالموارد الاقتصادية للشعب الفلسطيني ، عبر التحكم بحركة المعابر التجارية التي تربط الفلسطينيين بالموانئ العالمية ، و عبر تكريس تبعية الفلسطينيين للاقتصاد الاسرائيلي، وذلك عندما يتم رفض اعتماد عملة فلسطينية مستقلة عن الشيكل الاسرائيلي ، و عندما يتم التحكم بعوائد الضرائب من الصادرات و الواردات للتجارة الفلسطينية. إضافة إلي ذلك ، إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة يؤخر من عملية التنمية الاقتصادية للفلسطينيين و يزيد من حالة الفقر بقطاع غزة. كل هذه العقبات الاقتصادية أمام الشعب الفلسطيني بسبب سياسة الاحتلال الإسرائيلي ، بالتأكيد أدت إلي تأجيج حدة الصراع بين الإسرائيليين و الفلسطينيين .

5) جذور دينية
من المعروف أنه منذ بداية عهد الإسلام ، كان هناك صراعا بين المسلمين و اليهود ، بسبب عدم اعتراف اليهود بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، كنبي مرسل من عند الله ، فقد حدثت عدة غزوات بين المسلمين و القبائل اليهودية أشهرها غزوة الخندق التي انتصر بها المسلمون على قبيلة بني قريظة اليهودية ، حيث قتل المسلمون معظم رجالها بسبب رفضهم دخول الاسلام ، و الاعتراف بالرسول ، إضافة إلي طرد المسلمين ليهود خيبر من المدينة المنورة ، مما أدى ذلك الي زيادة الكراهية و الحقد بين المسلمين و اليهود.

وقد زاد العداء الديني بين المسلمين و اليهود عندما فتح المسلمون مدينة القدس ، و تم بناء المسجد الأقصى، بينما كان اليهود يخططون لاعادة بناء هيكلهم حسب ماورد بالتوراه اليهودية ، فقد اعتبر اليهود أنذاك المسلمين كأعداء أفشلوا خطتهم الدينية لإعادة بناء هيكل سليمان .
لذا ، حتى هذا العصر الحديث ، مازالت جماعات صهيونية و يمنية متطرفة ، تتبنى الرواية الاسرائيلية التوراتية ، و تحاول أن تسيطر على المسجد الاقصى، وتُغير الوضع القائم بسبب جذور من العداء الديني بين اليهود و المسلمين .

إن هذه العدواة الدينية ، أدت بالطبع إلي تأجيج حدة الصراع بين الاسرائيلين و الفلسطينيين ، وجعل طابع الحرب الدينية يطغوا على قضية الصراع ، حيث خلال عدة مرات حاول المستوطنيين استفزاز المشاعر الدينية للمسلمين في فلسطين، عبر اقتحام ساحات المسجد الأقصى، كثأر يهودي من فتح المسلمين للقدس.

6) جذور ما وراء الطبيعية
قد يستغرب القارئ عند طرح هذا العنوان ، وربطه بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ، لكن لا أحد يستطيع أن يُنكر أن هناك عالم أخر موازي لعالم البشر وغير مرئي ، تم ذكره في عدة كتب سماوية من ضمنها القرأن الكريم تحت مسمى عالم الجن ، أو عالم الأرواح، كما تم ذكره في كل من الديانتين المسيحية و اليهودية.

و تجدر الإشارة ، أنه لا يوجد حتى الآن اثباتات علمية رسمية عن تواجد مخلوقات روحية غير مرئية أخرى على هذه الأرض ، إلا أنه لا يمكن التجاهل بأنه عندما يتم قتل روح بريئة مهما كان سبب القتل ، فإن لعنة هذه الروح تصبح نقمة في حياة القاتل ، و أن دم القتلي الأبرياء الذي يتسرب إلي الأرض سواء في مكان محدد لا يتجاوز غرفة صغيرة ، أو في حي و شارع بأكمله ، يوفر ذلك تربة خصبة لتواجد أرواح غاضبة و ثائرة تريد أن تنتقم لأرواح القتلي ، فطالما سمعنا قصص مرعبة عن منازل، و قصور حدثت بها جرائم قتل و تحولت تلك المنازل و القصور لأماكن مهجورة و مسكونه بالجن أو بالأرواح الغاضبة.

و بالإطلاع على تاريخ الصراع في فلسطين ، وخاصة في مدينة القدس ، فقد شهدت مدينة القدس منذ حقبة الصلبيين مجازر دموية ضد المسلمين و اليهود علي يد الصلبيين ، حيث وصف ستيفن رنسيمان فى كتابه "تاريخ الحروب الصليبية" ، ما حدث فى القدس يوم دخلهـا الصليبيون، فقال: "وفى الصباح الباكر من اليوم التالى اقتحم باب المسجد ثلة من الصليبيين، فأجهزت على جميع اللاجئين اليه، وحينما توجه قائد القوة ريموند أجيل فى الضحى لزيارة ساحة المعبد أخذ يتلمس طريقه بين الجثث والدماء التى بلغت ركبتيه، وتركت مذبحة بيت المقدس أثرا عميقا فى جميع العالم، وليس معروفا بالضبط عدد ضحاياها، غير أنها أدت إلى خلو المدينة من سكانها المسلمين واليهود؛ بل إن كثيراً من المسيحيين اشتد جزعهم لما حدث".

إضافة إلي تلك المجازر الصلبية الدموية ، شهدت فلسطين في العصر الحديث مجازر دموية أخرى قادتها مجموعتا الإرغون وشتيرن الصهيونيتان تحت قيادة الهاجانا الصهيونية ، وذلك ضد العائلات الفلسطينية في قرية دير ياسين ، و شهد قطاع غزة حروب إسرائيلية دموية ، أدت إلي استشهاد مئات من النساء و الأطفال الأبرياء.

كل هذه الدماء السائلة نتيجة الصراعات و الحروب في الأراضي المقدسة ، سواء كانت دماء فلسطينية أو غير ذلك ، اختلطت بتراب هذه الأراضي ، مما أدى ذلك إلي نمو طاقة روحية سلبية انتقامية تسكن هذه الأرض ، تعمل على إشعال مشاعر الثأر في الأنفس و العقول الغاضبة و المحبطة عند الشعبيين، للانتقام لدم الضحايا في صفوف المدنيين من عند الطرفيين .

لذا هناك حاجة إلي التفكير بطريقة مختلفة لحل هذا الصراع ، عبر البدء بعملية جدية لتطهير الأرض المقدسة من الطاقة الروحية السلبية المحيطة بها ، من خلال اتباع طرق دينية تعتمدها الديانات السماوية الثلاث ، و طرق أخرى تتعلق بعلوم الطاقة الروحية ، وما وراء الطبيعة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار