الدّلالات النّفسيّة في إبداع الخطّ العربيّ لدى الدّكتور خليفة الشّيميّ

تابعنا على:   12:47 2022-06-19

أ‌. نبيل أحمد صافية

أمد/ الخطّ العربيّ عموماً له جماليّاته ، وهو أحد أنواع الإبداع العربيّ كونه يحمل جذوراً من الثّقافة العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة ، كما يعدّ فنّاً متكاملاً ، يعبّر الفّنان المبدع عن رؤاه وأهدافه في ابتكار لوحة فنّيّة تعطي أبعاداً نفسيّة تتراخى في ظلال الإبداع والحسّ الفنّيّ الجماليّ ، وسنتوقّف عند بعض اللوحات رغم كثرتها ، وهي التي يبرز فيها البعد الجمالي والحسّ المرهف في الإبداع الفنّيّ لدى المبدع في الخطّ العربيّ الدّكتور خليفة الشّيميّ ..

ورغم التّقدّم في العمر لدى الدّكتور خليفة _ أمدّ الله في عمره ، وهو من دولة مصر الشّقيقة ومسؤول عن المعارض والفعاليات الثّقافية ضمن النّادي الثّقافي العربيّ في الشّارقة ومدرّس في الجامعة _ فإنّ روح الشّباب الفنّيّ لا تزال تحلّق في سماء الإبداع لديه ، وهو الذي تعلّم أصول قواعد الخطّ العربيّ واكتسب مهاراته مذ كان في مقتبل العمر وريعان الشّباب من تركيا ، فنمت موهبته على يد أشهر الخطّاطين ، وأقام معارض كثيرة ومتنوّعة اتّسمت كلها بالعطاء الفنّيّ والجماليات الإبداعيّة ، معتمداً في غالبها خطّ الثّلث _ وهو من الخطوط التي تحتاج موهبة ومهارة متميّزة في الإبداع الفنّيّ _ وكذا الحال باعتماده الخطّ الدّيواني والنّسخ والتّعليق ، وتبرز الجمالية في لوحاته التي تتميّز بالحرّيّة الإبداعيّة عموماً عبر طواعية الخطوط لموهبته وإبداعه وفنّه الذي يسعى للابتكار في إظهار مهاراته الفنّيّة مابين استقامة وليونة في الإبداع الحسّيّ والجمالي ، لتظهر في إشراق لوحة فيها عنصر التّكامل والانسجام الفنّيّ .

ولعلّ من الأهمّيّة بمكان الإشارة لعلاقة الخطّ العربيّ بعلم النّفس _ ضمن ما يُطلَق عليه " علم الجرافولوجي " الذي وضع أسسه الباحث الفرنسيّ كريبكس ، وهو علم يعتمد علم النّفس في تحليل الشّخصيّة استناداً للخطّ العربيّ ، ليبرز السّمات العامة للشّخصية _ قبل الحديث عن الدّلالات النّفسيّة في إبداع الدّكتور خليفة ، فكيف تتجّلى العلاقة بين علم النّفس والفنّ الجماليّ والإبداع في الخطّ العربيّ لدى الدّكتور خليفة ؟!.

انطلاقاً من ذلك فإنّنا سنقرأ لوحات الدّكتور خليفة بنظرة شموليّة تكامليّة ، أي : وفق الشّكل العام للكتابة والحركة والمسافات بين الحروف والكلمات والهوامش في اللوحة وتداخل الحروف ضمن الكلمات واستعمال الألوان لإبراز الجمالية الفنّيّة في إبداع الخطّ العربيّ لديه ، وفي قراءتي الفنّيّة لبعض لوحاته ، وجدت فيها أمواجاً من الطّاقة والانفعاليّة الحيوية لدى الفنّان المبدع الدّكتور خليفة ، ورأيته وهو يخطّ لوحة مستعملاً خطّ الثّلث بهدوء وفرشاة خفيفة مباشرة ودون أي إعداد مسبق للوحة إلّا في خياله المتّقد إبداعاً ، لتتميّز تلك اللوحة بالحرّيّة والرّشاقة والإبداع الجمالي والشّموخ والثّقة بالنّفس ، ومن المعلوم في علم النّفس الجرافولوجي ، أنّ الخطّ ذا الحركة الهادئة البطيئة يميل فيه الفنّان المبدع للتّأنّي والرّكود والسّكون والهدوء ، وهذا ما تتميّز به لوحات الدّكتور خليفة وإبداعه الفنّيّ ، ويعتمد استعمال الخطّ الكبير وتداخل الحروف بين بعضها سواء في استعمال خطّ الثّلث أم الدّيواني أثناء الكتابة للوحاته الفنّيّة ، ممّا يعطي انطباعاً لتلك الحالة النّفسيّة التي يعيشها الدّكتور خليفة ، وهي تبرز الرّاحة النّفسيّة والتّكيف مع المحيط الخارجيّ عموماً ، وتعبّر عن حسّ جماليّ ووعي وخيال متّقد. 

كما يعتمد استعمال الألوان المتناقضة في اللوحة لتمثّل حالة جمالية في إبداع التّناقض ممّا يضفي التّوازن ، وتكون له قيمته الفنّيّة التي تتجلّى بإعمال العقل في المتناقضات ، وتقريب المعنى الفنّي لذهن المتلقّي أو المُشاهِد ، ونراه في استعماله اللون الأصفر على خلفية بيضاء يعطي النّور والأمل ، ويأتي استعماله اللون الأزرق ليدلّ على الحركة والحيويّة والتّجدّد ومعنى الحقيقة ، ويجاور الأزرق باللون الأحمر ممّا يعبّر عن انفعالات حسّيّة للحبّ والثّورة ، ونقرأ فيهما معنى حقيقة الحبّ أو حبّ الحقيقة ، ويستعمل اللون الأبيض وفي جهة مقابلة لذلك اللون يعتمد إبراز اللون الأسود ، وهما لونان متناقضان تبرز فيهما حالة التّفاؤل والتّشاؤم والحزن والكآبة ، ممّا يضفي الجمال على اللوحة الإبداعيّة وموسيقا تنساب ثائرة بالمتناقضات  ، وكأنّ المتلقّي أمام لوحاتٍ تتكامل فيها عناصرُ الجمال والإبداعُ الفنّيّ .

ولعلّ ما ذكرتُه يمثّل بعضاً من إشارات لأعمال ولوحات تتميّز بالإبداع الفنّيّ والحسّ المرهف الجماليّ ، وتعبّر عن خيال تتجدّد فيه معاني الجمال والحركة والحياة والخصوبة واتّقاد عواطف وانفعالات تبرز تحكّم المبدع الدّكتور خليفة بتلك الانفعالات والعواطف والأحاسيس .

وختاماً : نأمل للأستاذ الدّكتور خليفة الشّيميّ المزيد من الإبداع والعطاء والازدهار في تجلّيات إبداع لوحات خطّيّة مفعمة بالإحساس والانفعال الهادئ والثّقة بالنّفس والتّفاؤل ، وتتكامل فيها عناصر الجمال والإبداع الفنّيّ ، ونتمنّى له العمر المديد ، أطال الله بعمره فنّاناً مبدعاً متألّقاً ، وتحية المحبّة له . 

اخر الأخبار