موقفان.. وأوهام ورهانات

تابعنا على:   08:07 2022-06-03

رامز مصطفى

أمد/ في ظلِّ ما شهدته مدينة القدس بأحيائها والمسجد الأقصى خلال الأيام القليلة من غزوة الأعلام الداعشية للمستوطنين الصهاينة، برز موقفان لافتان ليسا بعيدان عن بعضهما بل الواحد يُكمل الآخر. الأول، موقف قديم، وجديده ما ورد على لسان رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني "نفتالي بينيت" ومن أمام حائط البُراق " نحتفل اليوم بتوحيد القدس عاصمتنا الأبدية التي سيرفع فيها علمٌ واحد، ونتعهد بأن القدس لن تُقسّم أبداً" . موقفٌ كان سبقه إليه رئيس حكومة العدو السابق " بنيامين نتنياهو" في أيار من العام 2014، في كلمة له في المعهد الديني "ميركاز هاراف" قائلاً: - " إنّ القدس هي جبل صهيون، وهي أيضاً جبل موياه (الحرم القدسي)، وهي حائط المبكى، وهي إسرائيل الأبدية، فهي لن تُقسّم أبداً" .
أما الموقف الثاني، ما سربته وسائل إعلام عبرية بأنّ إدارة بايدن قررت عدم فتح قنصلية للفلسطينيين في الشطر الشرقي من مدينة القدس، والذي كان قد أُغِلق في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2019. وكان تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبري قد أكد أنه عقب قرار ادارة الرئيس جو بايدن، تجميد خطوة اعادة فتح القنصلية، قررت الإدارة الأمريكية التخلي عن هذه الخطوة، واستبدلت ذلك بسلسلة من الاجراءات تحسين العلاقات مع الفلسطينيين. وذكرت وفقا لمسؤولين أمريكيين، أن واشنطن تنوي ترقية منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية “هادي عمرو” إلى منصب المبعوث الخاص للفلسطينيين. تسريب الصحيفة العبرية المذكورة، وعلى الرغم من نفي الخارجية الأمريكية له، بتقديري أنّه الأدق من خلفية: -
1. تلكؤ إدارة الرئيس بايدن في إعادة فتح القنصلية، وهي التي ربطت الأمر في وقت سابق بضرورة استجابة السلطة الفلسطينية ورئيسها في وقف رواتب الأسرى، أو إيجاد حل لذلك وهو في الأساس مطلب إلحاحي من قبل حكومة العدو الصهيوني في زمن نتنياهو واليوم بينيت.
2. ما صرّح به "إيدان رول" نائب وزير الخارجية في الكيان الصهيوني، في تشرين من العام 2021 " إنّ الإدارة الأمريكية قد تتراجع عن قرارها في إعادة فتح بعثة ديبلوماسية أمريكية للفلسطينيين في القدس، بعد أن أعربت إسرائيل عن معارضتها لمثل هذه الخطوة" . وأضاف رول " أنّ الأمريكيون يتفهمون تعقد الوضع السياسي. ولنا معهم علاقات طيبة للغاية، ولا أعتقد أنهم سيحاولون مفاجأتنا بشيء"، وتابع "ما دام الرئيس عباس ومن معه، لا زالوا يعيشون على أمل تفاوضي ما، فهي غاية الوضوح، في عدم القيام بأي خطوة تمس مواضيع الحل الدائم ومنها القدس والمستوطنات".
3. ما أدلى به نائب وزير الخارجية الأمريكي "بريان مكوهان" أمام مجلس الشيوخ أواخر العام 2021 " يجب على الولايات المتحدة الحصول على موافقة إسرائيل لفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية مجدداً". وأضاف "ما أفهمه هو أنه يجب علينا الحصول على موافقة الحكومة المستضيفة لفتح أي منشأة ديبلوماسية" . وتصريحات مكوهان جاءت رداً على ادعاءات للنائب نير بركات من حزب "الليكود"، بأن إدارة بايدن تنوي فور المصادقة على الميزانية في الكيان، فتحَ القنصلية الأمريكية في الشطر اشرقي لمدينة القدس.
موقفان يعكسان في دلالاتهما ذاك التطابق والتماهي القائم بين الإدارة الأمريكية وكيان الاحتلال الصهيوني، في إدارة سياستهما القائمة على تقديم كل ما يحقق للكيان تنفيذ أجنداته تطبيقاً لما جاءت به "صفقة القرن الترامبية" وخطة الضم، وبما يُسهل على الكيان وحكوماته في قضم وتصفية العناوين الفلسطينية الواحد تلو الأخر، والقدس وحسم الصراع عليها تقف في مقدمة تلك العناوين. وبالتالي ممارسة سياسة التحايل والأضاليل والوعود الكاذبة لإبقاء السلطة ورئيسها وأركانها غارقة في أوهامهم ورهاناتهم في تحقيق ما يسمى ب"حل الدولتين"، وبأن القدس بشطرها الشرقي عاصمة لدولة فلسطينية ستبقى على ورق تلك الأوهام والرهانات ليس إلاّ.

اخر الأخبار