اليوم ذكرى الإعلان عن تأسيس مركز مسارات… الأمل بالتغيير أقوى

تابعنا على:   16:31 2022-04-01

هاني المصري

أمد/ في مثل هذا اليوم من العام 2011، أُعلِن عن تأسيس مركز مسارات. أما التأسيس فتمّ في تشرين الأول 2010، خلال اجتماع في فندق "عمرة" في العاصمة الأردنية عمّان، بمشاركة 13 مؤسسًا، أبرزهم المؤسس والداعم الأكبر للمركز المرحوم عبد المحسن القطّان (أبو هاني).

كان الدافع الأكبر وراء تأسيس مسارات تلبية الحاجة إلى مركز فكري سياساتي يساهم في إيجاد البنية التحتية، الفكرية والعقلية والبحثية والسياساتية، التي تجعل التغيير ممكنًا.

كان الأمل كبيرًا بحكم أن الإعلان جاء في ذروة الربيع العربي، الذي أثبت رغم كل شيء أن الشعوب العربية حية وقادرة على الثورة على الفساد والاستبداد، ومع أن الربيع تحوّل إلى خريف لأسباب كثيرة، لا مجال لذكرها، فإنّ من أهمها أن الثورة أو بعض قواها استعانت بالشيطان لتحقيق أهدافها، فانتصرت المؤامرة والثورة المضادة على الثورة، فمن يستعِن بالشيطان يصبح عبدًا له، كما أن الشروط الذاتية للثورة لم تكن ناضجة مثل الشروط الموضوعية، ولأن القوة الكبيرة والأكثر تنظيمًا التي كانت قادرة على قيادة الثورة، والتي لم تساهم في اندلاعها، لا تختلف بما فيه الكفاية عن الديكتاتوريات الحاكمة، التي استطاعت هزيمتها.

وما دامت الشعوب العربية ثارت، موجة وراء موجة، فستستطيع أن تثور مجددًا، وأن تنتصر هذه المرة إذا استوعبت دروس التجارب السابقة، وأخذت الدروس والعبر، وأهمها أن الفكرة يجب أن تكون واضحة، والبرنامج يجب أن يكون وطنيًا وديمقراطيًا، والقيادة تقدم مثالًا وقدوة ومختلفة عن القائمة، ومن دون الفصل بين السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة.

هناك فرصة تاريخية لإحداث التغيير، لأن العالم والإقليم من حولنا يتغيّر، وهذا يعطي هوامش واسعة للحركة، فالحكام حائرون وخائفون، والتحالفات القديمة تنهار، وجار البحث عن تحالفات وخرائط جديدة. والفترة الانتقالية ستنتهي عاجلًا أم آجلًا (على اعتبار أن السيناريو الأول لنتيجة الحرب ألا يكون هناك انتصار حاسم أو هزيمة منكرة لطرف) بقيام عام جديد. وبالتأكيد، وفي كل الأحوال، فالعالم بعد حرب أوكرانيا سيختلف عن عالم ما قبلها، وأن عالمًا متعدد الأقطاب سيولد، وسيكون في كل الحالات أفضل أو أقل سوءًا عن العالم أحادي القطبية، الذي بدأ بانهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991، وبدأ في التراجع، ويلفظ أنفاسه الأخيرة بمعدلات أكبر ومتسارعة في السنوات الأخيرة.

تأسس مسارات قبل 11 عامًا، وقطع شوطًا كبيرًا في تحقيق أهدافه، بالمساهمة في إثبات الحاجة الماسة إلى التغيير الشامل والعميق في  الفكر ومختلف مكونات المنظومة السياسية الفلسطينية.

نعم، لقد حقق مسارات الكثير، ولكن مراكز الأبحاث على أهميتها ليست أدوات التغيير، ولا يمكن أن تحل محل الأحزاب والحركات الجماهيرية (تقرير إنجازات مسارات منذ التأسيس masarat.ps/article/5923/ )، ولكن لا يزال أمامه شوط أكبر وأصعب؛ جراء رحيل مؤسسة أبو هاني القطّان، الذي كان يقول لنا حاولوا الحصول على ما بمقدوركم من تمويل، وما يتبقى من عجز في الموازنة فسأسدده. وهكذا فعل من دون أن تكون له شروط أو مطالبات سوى شرط واحد، وهو أن يكون مسارات مركزًا محترمًا.

دعم أبو هاني لمسارات وغيره من الداعمين الذين فقدناهم لأسباب وظروف مختلفة، كان يجعل العمل أقل صعوبة وأكثر إنتاجًا وتخطيطًا واستقلالًا. ففي بداية كل عام، يحتاج المركز إلى عمل كبير للحصول على دعم ومشاريع غير مشروطة، وفق قرار وسياسة مجلس أمناء المركز الذي يرفض الدعم المشروط المستجيب لأجندات خارجية، والذي يضر بالمصالح والاحتياجات والأجندات الفلسطينية.

ما زرعه المركز، وما أصبح عليه مكّنه من الاستمرار والمساهمة في جعل فكرة وضرورة التغيير اتجاهًا عامًا متزايدًا، ورغم غياب الممول الأكبر منذ أربع سنوات، استمر المركز وسيستمر، فرصيده كبير لدى الفلسطينيين. فألف رحمة عليك يا أبو هاني. والشكر كل الشكر لكل من ساعد المركز ماليًا، ولكل من ساهم في إنتاجه ومشاريعه، ولكل من شارك في برامجه ومشاريعه وتدريباته وندواته ومؤتمراته ومبادراته.

كلمات دلالية

اخر الأخبار