فهد سلمان: إستعادة الوحدة الداخلية في إطار "م.ت.ف" على قاعدة ديمقراطية

تابعنا على:   11:14 2022-02-26

أمد/ دمشق: طالب فهد سلمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يوم الخميس، أنّ إستعادة الوحدة الداخلية في إطار "م.ت.ف" على قاعدة ديمقراطية.

وجاء ذلك خلال كلمة له في إحياء انطلاقة الديمقراطية بمخيم اليرموك، حيثّ قال بكلمته:

كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

بمناسبة الذكرى 53 لانطلاقتها،

ألقاها فهد سليمان، نائب الأمين العام

من أجل:
إستعادة الوحدة الداخلية في إطار م.ت.ف الائتلافية، التعددية على قاعدة ديمقراطية

 
 الخروج من أوسلو من خلال تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي

 المقاومة الشاملة للإحتلال والاستيطان على طريق العصيان الوطني العام

 على أبواب مخيم اليرموك، العائد بهدوء، إنما بثبات إلى دورة الحياة، نلتقي كما في كل عام، إحياءً لذكرى إنطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهي مناسبة عزيزة على قلوب الفلسطينيين، وكل من يقف إلى جانب فلسطين، في نضالها العادل ضد العدوان الصهيوني المستدام.

 نلتقي هنا، في دمشق العروبة وفي القلب منها فلسطين، ومعنا آلاف المتابعين على وسائل التواصل الإجتماعي، لنجدد العهد ونؤكد الوعد، أنها ثورة مستمرة، إلى أن يحقق شعبنا أهداف نضاله في التحرر الوطني، في الإستقلال والسيادة والعودة إلى الديار والممتلكات، في إنتزاعه لحق تقرير المصير بحرية على كامل ترابه الوطني في إطار دولة ديمقراطية علمانية موحدة، يتساوى كل من يعيش في كنفها بالحقوق والواجبات.

 نلتقي هنا، ونمضي بأفكارنا إلى كل من قدم دماً وعمراً وجهداً، إلى كل من عانى وسُجن وجُرح وتعذب وضحى، من أجل أن يعود الأهل إلى بلادهم، وأن تعود البلاد إلى أهلها، مذكرين بعد أكثر من نصف قرن من الزمن، أننا ما زلنا – كما في البدايات – على درب القدس والعودة سائرون

 نلتقي اليوم، وأمامنا مشهد فلسطيني يضج بالحيوية والإبداع والحياة، لكنه مشهد متناقض المعالم، مشهد يفتقد إلى الإتساق:

فوحدة الشعب في الميدان، يتعاكس معها إنقسام القوى الفاعلة في السياسة.

وتسجيل نقاط على العدو في المواجهة، كما في معركة القدس قبل شهور، يبدد مكاسبها ضعف في القدرة على الترصيد السياسي لهذه المكاسب.

 والتوافق على أهداف النضال بين مختلف مكونات الحالة الوطنية، يقابله خلاف على السبل المفضية إلى تحقيق هذه الأهداف.

 أما السبب في كل هذا، فيعود إلى إنقسام مؤسسي، يستقوي بالجغرافيا ويتغطى بالسياسة، خلاف لم تشهده الحركة الوطنية المعاصرة بهذا العمق، في أي من محطاتها الخلافية السابقة، التي لم تكن قليلة على أية حال.

أما الإعتبارات التي ينحكم لها هذا الإنقسام فهي ناجمة عن تلاقي عامل الإصطفاف على محاور التجاذب الإقليمي، مع مصالح وامتيازات مادية واعتبارية نمت على ضفاف سلطتين للحكم الذاتي، الأولى تحت الإحتلال المباشر، والثانية تحت الإحتلال، إنما بأسلوب الحصار والعدوان الدوري المتجدد

 من هنا، الموقع المتقدم في أجندة العمل الوطني الذي ينبغي أن تحتله مسألة تجاوز الإنقسام واستعادة الوحدة الداخلية.

وإذا كان ثمة إجماع – لفظياً بأقله – على الانتخابات العامة باعتبارها الوسيلة الأفضل لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة ديمقراطية تضمن تمامية التمثيل في الإطار المؤسسي الواحد، فإن التجربة قد عَلَّمت، أن الإنتخابات، لأنها تطرح مسألة السلطة على بساط البحث، وتعلق مصيرها على مخرجات صندوق الإقتراع، فإنها تجعل الطرف المتنفذ الذي عندما لا يضمن نتائجها، يُحجم عن الوفاء باستحقاقاتها.

 لقد حاولت الجبهة الديمقراطية من خلال المبادرة السياسية التي أطلقتها مؤخراً أن تجسر الخلاف القائم بين طرفي السلطة باعتماد آلية تقوم على التزامن بين إنعقاد مجلس مركزي يضم الكل الفلسطيني تنبثق عن أعماله لجنة تنفيذية جامعة، وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية تنجز توحيد وزارات وإدارات السلطة في كل من الضفة والقطاع.

غير أن هذه المبادرة التي لقيت ترحيباً من أوساط واسعة، لم تشق طريقها في الواقع العملي لافتقادها لقوى منظمة حاملة لها، تتمتع بالقدر المطلوب من الزخم اللازم لاختراق خطوط الإنقسام، واقعاً وثقافة.

ومع ذلك، فإن الجبهة الديمقراطية مازالت تعتبر أن هذه المبادرة تشكل قاعدة صالحة لإطلاق آليات مجدية لإعادة بناء الوحدة الداخلية، لأنها تشكل – وحتى إشعار آخر - الطريق الأقصر لإدراك التوافق على إستحقاق الإنتخابات العامة

إذا كان تجاوز الإنقسام هو الإستحقاق الأول الذي تواجهه الحركة الفلسطينية، فإن الاستحقاق الثاني يتمثل بتوفير شرط الانتقال من المقاومة المشتتة التي لا يَنْظُمها خط عمل واحد ومرجعية موحدة، إلى مقاومة متواصلة، منهجية ومنظمة، أي مقاومة شاملة بمثال ما شهدناه إبَّان معركة القدس بمختلف فصولها، والتي غطت بأعمالها الوطن بجناحيه في الـ 48 والـ 67، فضلاً عن الشتات، واعتمدت أشكالاً متعددة من المواجهة راعت خصوصية الظرف السائد في كل مكان، فتكاملت فيها بينها في مجرى النضال الموحد.

 وغني عن القول إن الاستجابة لاستحقاق المقاومة الشاملة، إنما يتطلب إستعادة ما تم التوافق عليه في اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 الذي قرر إقامة قيادة وطنية موحدة تؤطر ببرنامجها ومحطاتها الوسيطة المقاومة الشعبية الشاملة على طريق العصيان الوطني العام في مواجهة الإحتلال

 في هذا الإطار، علينا أن نلاحظ أن السلطة الفلسطينية بعد مرور ثلاثة عقود على قيامها ليست، لا بل لم تكن أصلاً نواة الدولة المنشودة في صيرورتها، كما توهَّم وروَّج لذلك أصحاب أوسلو، بل هي، مع إستمرار الاستيطان لأراضي الدولة الفلسطينية، والتهويد لأهم مدنها، الصيغة المطابقة لمواصفات الحكم الذاتي على جزء من الأرض المحتلة عام 67، حكم ذاتي ما إنفك دوره يتراجع لصالح توسيع دور الإدارة المدنية الإسرائيلية بمرجعية الإحتلال.

 إن كل هذا يؤكد أهمية المسارعة لتوفير شروط الخروج من عملية أوسلو بأسرها، باعتبارها تكرس الإستعمار الاستيطاني لأرضنا، وهذا لن يكون إلا باستعادة الوحدة الداخلية، وإطلاق المقاومة الشاملة، واستعادة دور الكيان الوطني الجامع للكل الفلسطيني، الذي لا بديل له ولا غنى عنه، أي دور منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، المنظمة - الأم التي إن جردت من هذه الصفة والمكانة سوف يترتب عليه إطلاق مسار تفكيكي شديد الخطورة على واقع ومصير الحركة الوطنية، وسوف يقودها إلى مهوار ينطوي على مخاطر تبديد الإعتراف بحق تقرير المصير لشعبنا، المُسلَّم به دولياً وأممياً، والذي منه تشتق سائر الحقوق الوطنية لشعبنا في العودة إلى الديار والممتلكات، والدولة المستقلة السيدة الحرة بعاصمتها القدس.

 إن قرارات الدورة الأخيرة للمجلس المركزي، باستعادتها لقرارات المجلسين الوطني والمركزي المكررة منذ العام 2015، فيما يتعلق بالقطع مع أوسلو وغيرها من الأمور، سوف تنال من سمعة ومصداقية مركز القرار الرسمي، وستوسع فجوة تدني الثقة الذي تعزله عن المزاج الشعبي العام، إذا ما لقيت نفس مصير قرارات الدورات السابقة، التي بدلاً من أن تجد طريقها إلى التنفيذ، جرى توظيفها فيما لا يجدي نفعاً من خلال التلويح بها – دونما نتيجة – في محاولة لمقايضتها ببعض ما تصور مركز القرار الرسمي أنها تشكل مكاسب سياسية.

 إن الإدارة الأميركية، ومعها الحكومة الإسرائيلية، ليست بوارد إطلاق أي عملية سياسية ذات مغزى. إن العرض الوحيد المتاح للتسوية السياسية هو الحل الإقتصادي بتنويعاته. هكذا كان الحال قبل الأزمة الأوكرانية، وهذا ما سوف يتأكد أكثر فأكثر بعد انفجارها حرباً داخلية تُنذر بما بعدها من تداعيات، من بينها – وفيما يخصنا – المزيد من تراجع إهتمام واشنطن بملف التسوية السياسية، ناهيك عن إستمرار غياب دور الرباعية الدولية، التي طالما سعت القيادة الفلسطينية الرسمية ومازالت تسعى لإعادة تفعيل دورها.

 من موقعها المشارك في مؤسسات م.ت.ف وهيئاتها من أعلاها إلى أدناها، فإن الجبهة الديمقراطية تجد موقعها أيضاً وبالأساس وسط حركة المقاومة الشاملة للإحتلال والاستيطان، كما وفي صفوف الحركة الجماهيرية الواسعة الضاغطة من أجل تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تساوي الطلاق مع أوسلو.

 وعلى هذا الطريق تمضي الجبهة الديمقراطية وهي تنتقل إلى عام جديد من عمر مديد:

 من أجل استعادة الوحدة الداخلية للحالة الفلسطينية بجميع مكوناتها في إطار م.ت.ف الائتلافية التعددية على قاعدة ديمقراطية.

 ومن أجل الخروج من مسار أوسلو بالقطع مع ركيزتيه الأمنية والإقتصادية من خلال تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي.

 ومن أجل المقاومة الشاملة للإحتلال والإستيطان على طريق العصيان الوطني العام.

وفي كل هذا يواصل الشعب الفلسطيني مسيرته الظافرة تحت راية منظمة التحرير على طريق إنتزاع كامل حقوقه الوطنية على أرض فلسطين.

عاشت الذكرى الـ 53 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية

عاشت منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا

وعاشت فلسطين..

والسلام

اخر الأخبار