لماذا العامل الفلسطيني يبني دولة إسرائيل !

تابعنا على:   07:56 2021-10-26

أشرف صالح

أمد/ يقولون العرب في رواياتهم وتصريحاتهم , إن الشعب الفلسطيني يهاجم التطبيع العربي مع إسرائيل وهو أول من طبع , وبالطبع يقصدون في ذلك المعاملات الإقتصادية بيننا كفلسطينيين وبين إسرائيل , والمتمثلة بدخول العمال الفلسطينيين الى إسرائيل والعمل بالمستوطنات , والعمل في مؤسسات تابعة للإحتلال وغيرها من معاملات تجارية ومهنية  تحتاج الى تعاون وتنسيق بين الطرفين , الفلسطيني والإسرائيلي , ورغم أن كل هذه العلاقات الإقتصادية بيننا وبين الإحتلال هي بحكم المفروضة علينا بسبب أوضاعنا السياسية والإقتصادية المعقدة , وبسبب أننا نحمل مسمى دولة تحت الإحتلال , إلا أن لسان حال العرب يقول  "إن واقعكم يا فلسطينيين لا يسمح لكم أن تستنكروا علينا تطبيعنا مع إسرائيل , فمن الأفضل ان تضلوا صامتين" ربما ما تراه الدول العربية ونحن لم نراه , يكون منطقياً حيث أننا كفلسطينيين قدمنا التنازلات تلوا التنازلات لأننا بحاجة ماسة الى المال ,  وهذا ما يجعلنا دائمين التناقض في مواقفنا مع الآخرين , من جهة نريد المال ومن جهة أخرى نستنكر التطبيع العربي مع إسرائيل , فمثلاُ عندما طبعت الإمارات مع إسرائيل , شتمنا الإمارات بكل العبارات , وعندما أرسلت الإمارات قافلة مساعدات الى غزة , شكرنا الإمارات بكل العبارات , ولذلك فالعامل الفلسطيني ليس وحده من يتحمل المسؤولية عن هذا الخلل , بل إن المنظومة الإقتصادية والسياسية الفلسطينية المعقدة تجعل العامل البسيط جزء صغير من هذه المشكلة , والجزء الأكبر يتحمله أصحاب القرار .

إن الإقتصاد الفلسطيني يعتمد على أربع مكونات أساسية كأي إقتصاد في أي دولة , وهي "الضرائب والمساعدات والموارد الطبيعية والمشاريع" وهذه الأربع مكونات لو تم إستغلالها بشكل جيد , وإستخدامها بشكل مهني , لأصبحت فلسطين أغنى دولة عربية , قد يسأل البعض كيف يكون هذا , بالطبع الدخول في التفاصيل الإقتصادية بحاجة الى عدة مقالات وربما دراسة كاملة مع الشرح , ولكن ببساطة أي إقتصاد في أي دولة بحاجة الى الأمانة والإخلاص في العمل كي ينجح وينموا , ولهذا فمن المفترض أن المكونات الإقتصادية الأربعة التي ذكرتها أعلاه , تكفل وتوفر وظيفة أو فرصة عمل لأي مواطن فلسطيني بغض النظر عن إنتمائه السياسي , وبالتالي لم يذهب العامل الفلسطيني للعمل في إسرائيل , وخاصة في بناء المستوطنات والمؤسسات الحكومية , فالعامل الفلسطيني يفتقد الأمن الإجتماعي في ظل الإنقسام السياسي والإقتصادي , وفي ظل إتفاقيات إقتصادية بيننا وبين إسرائيل كبلت اليد الفلسطينية , وأطلقت عنان اليد الإسرائيلية , لأنه في الأساس جميع المفاوضات التي تتبع إتفاق أوسلوا هي مفاوضات بين طرف قوي وطرف ضعيف , وخاصة إتفاقية باريس الإقتصادية التي قيدت الإقتصاد الفلسطيني , فالعامل الفلسطيني اليوم هو ضحية إنهيار الإقتصاد الفلسطيني بكل مكوناته بسبب "الإنقسام والإحتلال" وفي كلا الحالتين فأنا أحمل مسؤولية الفشل الإقتصادي الى السياسي الفلسطيني الذي فشل في إنهاء الإنقسام , وفشل أيضاً في التحرر ولو جزئياً من قيود الإحتلال الإقتصادية .

إن العامل الفلسطيني لم يجد له حاضنة إقتصادية فلسطينية سليمة , ولم يجد له ضمان إجتماعي سليم , ولذلك إتجه للعمل بداخل المستوطنات الإسرائيلية التي تقام على أراضي فلسطينية , وأصبح جزء من منظومة التناقض والإدعاءات الكاذبة , ولو أتيح له الأمر لترك البلد وهاجر للبحث عن العمل في بلد آخر , وهذا بحد ذاته يعبر عن المساحة الكبيرة والفراغ الأكبر بين أولياء الأمر من أحزاب وحكومات (...) وبين الشعب الذي يفتقد لكل شيئ , والمهم في هذا الموضوع الشائك هو كيف الخروج من هذا الفلس والفشل الإقتصادي الذي يتضخم يوم بعد يوم , بدأ من إتفاقيات باريس الظالمة للفلسطينيين , مروراً بالإنقسام , وصولاً الى العمل بداخل مستوطنات تبنى على أراضي فلسطينية , والخروج من هذه المشكلة بحاجة الى ثلاث خطوات أساسية ومن ثم ننطلق , وهي أولاً إنهاء الإنقسام , وثانيا إنهاء الإنقسام , وثالثا إنهاء الإنقسام .

اخر الأخبار