موقع أمريكي يتحدث عن الخريطة السياسية في العراق قبل الانتخابات.. والسيناريوهات المحتملة

تابعنا على:   00:00 2021-09-21

أمد/ بغداد: أظهرت دراسة مسحية للمشهد العراقي، قبل أقل من ثلاثة أسابيع على انتخابات عامة توصف بأنها ”عالية المخاطر“، أن الرهان على الإصلاح الذي يطالب به الجميع، ليس محسوما، وبالذات في ضوء شبكة التحالفات التي قد تشهدها الانتخابات، والتي ستضطر لها القوى والأحزاب الرئيسة بعد الانتخابات.

تنطلق الدراسة، التي نشرها موقع“ وور أون ذي روكس“ الأمريكي، من التقدير بأن هذه الانتخابات ستكون، بالدرجة الأولى، استفتاء على الاحتجاجات الشعبية التي كانت قد انطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، وكشفت عن إحباط واسع النطاق من المؤسسة السياسية العراقية، ورغبة واسعة في التغيير.

لكن لسوء الحظ، كما تقول الدراسة، فإنه في حين أن هناك عددًا من السيناريوهات المعقولة بعد الانتخابات، إلا أنه من غير المرجح أن يحقق أي منها هذه الرغبة في الإصلاح الحقيقي.

ولا تستثني الدراسة احتمال أن تسفر الانتخابات عن خيبة أمل لأولئك الذين يسعون إلى الإصلاح، حيث من المرجح أن تسفر بدلاً من ذلك عن حكومة توافقية أخرى، تتشكل من نفس الطبقة الدائمة من النخب الحاكمة، حيث سيضمن نموذج الإجماع توزيعًا جماعيًا للغنائم مع استبعاد المعارضة الحقيقية وموضوع المساءلة.

وباختصار، كما يشير التقرير، فإنه ما لم يُظهر عدد كافٍ من قادة الأحزاب البصيرة للانفصال عن الماضي والتوحد حول أجندة للتغيير، فإن احتمالية عدم الاستقرار في العراق بعد الانتخابات تظل أمرا حقيقيا.

رؤيتان 

تقول الدراسة إنه ما لم تحصل تطورات غير متوقعة، مثل النزاع الطائفي أو الصراع الإقليمي، أو ارتفاع حالات الكورونا، فإن العراق سيشهد انتخابات مبكرة في أكتوبر 2021، قبل تسعة أشهر من انتهاء ولاية البرلمان الحالي رسميًا في يوليو القادم.

وستشهد هذه الانتخابات منافسة بين رؤيتين: واحدة تسعى لتغيير الوضع الراهن، والأخرى تسعى للإبقاء عليه وحمايته. فالمفتاح لفهم هذه الانتخابات بالذات، بحسب التقرير الأمريكي، هو الاستياء العام المنتشر ضد الوضع الراهن والرغبة في التغيير السياسي.

ففي حين أن طبقة النخب الحاكمة بعد العام 2003 متحدة بالغالب في دفاعها عن الوضع الراهن، فإن احتجاجات تشرين الجماهيرية، 2019، والأحزاب التي انبثقت عنها، تُظهر رغبة واسعة في زعزعة النظام الحالي والتخلص من النخب الحاكمة.

ويرى التقرير وجود تهديدات جدية لسلامة العملية الانتخابية. وكانت الانتخابات البرلمانية لعام 2018 قد شهدت مزاعم بتزوير انتخابي واسع النطاق. ولذلك تحاول حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات تجنب ”أخطاء“ الانتخابات السابقة من خلال اعتماد بطاقات الاقتراع البيومترية، وطلب بعثات مراقبة دولية، ونشر قوة أمنية كبيرة.

لكن لا يزال بإمكان نخب الوضع الراهن استغلال ضعف الدولة التي يسيطرون عليها للالتفاف على النظام، كما يقول التقرير.

فرص الأحزاب الجديدة

يتوقع التقرير أن تحقق أحزاب الانتفاضة، المسماة أحزاب تشرين، وحلفاؤها بعض النجاحات، لكنها، كما يقول التقرير، ستكون محدودة لسببين:

أولاً، الأحزاب الناشئة ليست في ساحة لعب متكافئة مع الأحزاب القديمة، التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى موارد سياسية ومالية وانتخابية كبيرة.

ثانيًا، من المتوقع أن يظل الناخبون المرتبطون بحركة الاحتجاج في منازلهم إلى حد كبير يوم الانتخابات، مستائين ومحبطين من النظام بأكمله.

فحملة المقاطعة الانتخابية الحالية، التي تدعمها أحزاب ذات عقلية إصلاحية، لن تؤدي إلا إلى تعزيز قوة أحزاب ”المؤسسة“. وإذا لم تشجع المرجعية الدينية الشيعية، الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى خفض نسبة الإقبال على التصويت.

الخريطة الحزبية

سجلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 167 حزبا للتنافس في الانتخابات المقبلة، علما أن أبرزها سيشارك كجزء من 21 تحالفًا مختلفًا قبل الانتخابات.

ومن أهم الأحزاب والتيارات: الكتلة الصدرية بقيادة السيد مقتدى الصدر، وتحالف الفتح بقيادة قائد فيلق بدر هادي العامري، وتحالف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وكذلك تحالف قوى الدولة الوطنية، بقيادة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والسيد عمار الحكيم؛ وعدد من الأحزاب المنتسبة إلى سياسيين ورجال أعمال آخرين، بما في ذلك أحزاب الزعماء الأكراد مسعود بارزاني وعائلة طالباني.

وإلى جانب كل ذلك هناك التيار التشريني، الذين يرشحون أنفسهم كمستقلين وكجزء من قوائم حزبية أصغر.

الحاجة لتكتل 7 أحزاب

ويتوقع المسح أن تفوز الكتلة الصدرية، وتحالف الفتح، وتحالف قوى الدولة الوطنية، بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل، وسيحاول كل منهم تشكيل حكومة.

لكن لا يُتوقع أن يحصل أي حزب على أكثر من 60 مقعدًا من أصل 329، ما يعني أن سبعة أحزاب على الأقل ستحتاج إلى الاجتماع معًا لتشكيل حكومة ائتلافية.

وعلى هذا النحو، سيكون من الصعب تشكيل حكومة جديدة بالسرعة الكافية لمواجهة التحديات العديدة التي تواجه البلاد. ففي العام 2018، استغرقت النخب ما يقرب من خمسة أشهر للاتفاق على حكومة جزئية لرئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

سيناريوهات ما بعد الانتخابات

يمكن للمناورة السياسية الحتمية بعد الانتخابات أن تتم بعدة طرق مختلفة. بعض السيناريوهات تبدو أكثر احتمالية من غيرها، لكنها تشير جميعا إلى المشكلات المستقبلية، كما يشير التقرير.

وبغض النظر عن الحزب أو التحالف الذي يتولى القيادة، سيتعين عليه مواجهة التحديات بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في البرلمان والاحتجاجات، وحتى الهجمات المسلحة.

حكومة ائتلافية

يشير التقرير إلى إمكانية أن ينجح أحد التحالفات الانتخابية الرئيسة في تشكيل ائتلاف، لكن سيكون ذلك صعبًا على جميع المتنافسين.

فقد تفوز الكتلة الصدرية بمعظم المقاعد، ولا يشترط أن يكون المرشحون الصدريون مؤهلين فرديا أو شعبيا؛ لأن القاعدة تصوت للتيار الصدري القوي، خاصة في المناطق الشيعية الفقيرة والحضرية في محافظات كربلاء والمثنى والناصرية وواسط وميسان.

ولكن حتى لو قدم الصدريون عرضًا قويًا، فسيتعين عليهم التغلب على الفيتو الضمني من تحالف الفتح وحلفائهم، فهم يرون الصدر كمنافس قادر يصعب التنبؤ به، ومستعد لتهديد مصالحهم وحتى وجودهم.

علاوة على ذلك، منذ احتجاج تشرين، فقد الصدريون العديد من حلفائهم. وهذا يشمل أحزابا يسارية صغيرة مثل الحزب الشيوعي العراقي، الذي احتج على التيار الصدري ثم انضم إليهم لاحقًا في تحالف انتخابي.

ونتيجة لذلك، قد يواجه الصدريون صعوبة في العثور على شركاء حتى لو فازوا بعدد كبير من المقاعد بمفردهم.

وإذا نجحت الكتلة الصدرية في جمع عدد كافٍ من الحلفاء، فسيتعين عليها مواجهة تحالف الفتح الذي من المرجح أن يستمر في محاولة تقويض الحكومة المحتملة للصدريين.

يضاف إلى ما سبق، أن الصدريين قد يواجهون صعوبات ناتجة عن الفضائح التي حدثت عندما كانوا يديرون وزارتي الصحة والكهرباء، كما يقول التقرير.

وفي مقابل الصدريين، فإن أداء تحالف الفتح الموالي لإيران، ربما يكون جيدًا بما يكفي لتجربة حظه في تشكيل الحكومة المقبلة.

لكن مثل هذه الحكومة يجب أن تتعامل مع مجموعة من القضايا، بما في ذلك الافتقار إلى القبول الوطني والدولي، فضلا عن الخلافات داخل التحالف بين العناصر المحافظة المتطرفة والعناصر البراغماتية.

كما أن زيادة النفوذ الإيراني داخل تيار الفتح، مع الانطباعات بقمعه للحريات، من شأنه أيضًا أن يؤثر على هذا التكتل.

أما العبادي والحكيم الموصوفان بالاعتدال فقد يستفيدان من القبول الوطني والدولي، ويمكن أن يكون لهما فرصة في العثور على شركاء، بما في ذلك العناصر المؤيدة للإصلاح التي قد تراهما أهون الشرين.

رئيس وزراء من الخارج

ولا يستبعد التقرير، أن يؤدي عدم الاتفاق على رئيس الوزراء إلى إجبار النخب على إحضار مرشح من خارج صفوفهم، مثل مصطفى الكاظمي أو أي شخص من الذين يصفهم العراقيون بأنهم غير ملوثين بتعقيدات الماضي.

فأي فرد براغماتي ليس لديه عداوات تاريخية مع الفاعلين السياسيين، ويتمتع بقبول دولي، قد يتم اختياره لتشكيل الحكومة.

حكومة إجماع

ويرى التقرير أن النتيجة الأكثر احتمالا، هي اتفاق بين الفصائل الرئيسة المتنافسة لتشكيل حكومة توافقية. كان هذا هو الحل المفضل بعد الانتخابات السابقة، وسيكون بمثابة تصديق على الوضع الراهن.

فقد أصبحت الطبقة السياسية بشكل عام، والطبقة الشيعية على وجه الخصوص، أكثر انقسامًا من أي وقت مضى، مما يجعل حكومة التوافق أسهل من الائتلاف الرسمي.

ويُنظر إلى هذا النموذج الشامل من الناحية الاسمية على أنه الأقل خطورة، وقد يكون مغريًا للكثيرين داخل وخارج النظام الذين يعتقدون أنه يمكن أن يوفر استقرارا نسبيا في البلاد.

وكما حصل في الحكومات السابقة، ستُعرض على الفاعلين السياسيين، تحت ستار الإدماج، أدوار حكومية ورشاوى، بينما لا يُتوقع من أي شخص أن يتحمل المسؤولية عن إخفاقاتهم.

حكومة ذات تفويض واضح للتغيير

وفي سيناريو أخير يراه التقرير واردا بعد جدال طويل محتمل، يتحدث عن التقاء عدد من الأحزاب البارزة لتشكيل حكومة ذات تفويض واضح للتغيير.

يمكن أن يشمل هذا، على سبيل المثال، حزبين أو ثلاثة أحزاب شيعية أساسية إلى جانب واحد أو اثنين من الأحزاب السنية والكردية، وربما بعض المستقلين والتشرينيين.

وقد تضم مثل هذه الحكومة تحالف قوى الدولة الوطنية، بالإضافة إلى آخرين لديهم ميول قومية ومصممون على مواجهة المعسكر الموالي لإيران.

ومن شأن تحالف من الأحزاب المتشابهة التفكير مع رؤية للإصلاح، أن يجلب عددًا من الفوائد، كما يقول التقرير، فهو أولاً، سيسهل انتخاب رئيس وزراء حاسم على استعداد للتعامل مع القضايا الصعبة مثل الفساد، وثانيًا، سيسمح بوجود قوة معارضة واضحة تدقق في عمل الحكومة وتساعد في محاسبتها، وثالثا، سيسمح للمواطنين والناخبين بإلقاء اللوم على أعضاء الائتلاف الحاكم في حالة الفشل.

اخر الأخبار