لماذا لا تطرقون جدار الخزان

تابعنا على:   21:15 2021-08-07

ا.د محمد صالح الشنطي

أمد/ وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

ماذا يحدث في رحلة العذاب؟ اسألوا الخارجين للعلاج والمهاجرين الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت بعد هذا الحصار المقيت والعدوان المتواصل على أهل غزة.

مصر أم الدنيا وريثة أقدم الحضارات في التاريخ، مصر بشعبها النبيل ورجالها الأشاوس التي فتحت ذراعيها لكل أشقائها، مصر التاريخ العريق التي وصف جيشها بأنه من خير أجناد الأرض كما جاء على لسان نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) " إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندا كثيفا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض"

مصر التي تعلمنا على أيدي علمائها واحتضنت كل المظلومين والمضطهدين، مصر التي يحتفي أهل القطاع بزعيمها فخامة الرئيس السيسي فتملأ صوره جدران الشوارع والبيوت في غزّة احتراما واعترافا بدور مصر في رعاية أمنها وحماية أبنائها من طغيان الصهاينة.

اسألوا المسافرين من وإلى القطاع ماذا يحدث لهم؟ أتمنى على سفير فلسطين في مصر أن يرعى شؤون أبناء وطنه وأن يرافقهم ولو مرة واحدة من القاهرة إلى غزة وهو المعروف بنشاطه وحسن أدائه.

وأنا واثق كل الثقة أن القيادة المصرية وعلى رأسها فخامة الرئيس لن يقبلوا ما يحدث لأبناء القطاع من إذلال على أيدي بعض من لا يدركون تاريخهم الإنساني والحضاري، فأبسط قواعد الكرامة الإنسانية لا تراعى، فالانتظار الطويل تحت أشعة الشمس دون مرافق في انتظار المعدية وعلى الحواجز والأطفال الذين يتضورون والشيوخ والمرضى يتعرضون لسلسلة طويلة من التفتيش المذل ومصادرة أدوية المرضى وجوالاتهم ويتعرضون للسّب والشتم والبهدلة من زمرة لعلها تكون قليلة لا تمثل طيبة شعبنا الأبي الكريم الحنون في مصر؛ ولكنها متنفّذة حتى أصبح طريق غزة – القاهرة طريق العذاب والآلام، لم تسلم لعب الأطفال ولا أدوية المرضى ولا جوّالاتهم ولا زجاجات العطر من عبث العابثين، إنهم ينظرون إلى هؤلاء المسافرين وكأنهم قطيع من الأغنام، أناشد سيادة الرئيس السيسي والإخوة المسؤولين الذين نثق في مصداقيتهم وحرصهم على سمعة أرض الكنانة أن يتدخلوا لإيقاف هذه المأساة، نحن نعشق مصر وأهلها وترابها ولا نريد أن تمس سمعتها بأذى؛ ولكننا أيضا نربأ بأهل القطاع الحزين من أن يتعرضوا لهذا الكم من الإهانة والإذلال، ونقول للإخوة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح أنتم شركاء في المسؤولية لأن عليكم أن تتواصلوا مع إخوانكم في الجانب المصري وأن تشرحوا لهم مأساة المسافرين ومهزلة التنسيق الذي تهدر فيه الأموال لينتفع بها عصبة من الفاسدين ويستنزف الفقراء الذين يضطرون إلى الاستدانة ليخرجوا من أجل مداواة مرضاهم أو زيارة أسرهم أو لقاء أبنائهم، وأناشد الأخ رئيس حكومة السلطة الوطنية في رام الله أن يلقى بالا لهذا الذي يحدث على المعبر وعلى طول الطريق إلى البلد الشقيق (فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته)، لماذا هذا الصمت؟ لماذا ننتبه فقط للشأن السياسي ونغفل الجانب الإنساني وكرامة البشر؟ إذا حرم الإنسان من الكرامة فلا معنى للوطن ولا قدسية للتراب، حرام هذا الذي يحدث ولا نلقي له بالا. مصر أم الدنيا ولا نسمح بالإساءة إلى هذه القلعة العربية والأم الرؤوم، ولكنها صرخة موجوع، فلا قيمة للكلمة إذا لم تجهر بالحق، وإلا فلنكسر أقلامنا ونلوذ بالصمت كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش:

(قصائدنا بلا لون/ بلا طعم ... بلا صوت /إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت/ وإن لم يفهم البسطاء معانيها / فأولى أن نذريها / ونخلد نحن للصمت .....

كلمات دلالية

اخر الأخبار