لا صيف صيفت ولا سترها بقي عليها ..!

تابعنا على:   17:31 2021-07-15

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ لقد تبخرت آثار وهم الإنتصار المزعوم الذي حققته معركة سيف القدس، الذي توهمته حركة حماس والذي تجلى  في الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي في أيار الماضي على قطاع غزة، وقد استهلكته حركة حماس في غير مكانه، وقد بانت عورات هذا الإنتصار عندما انحرف توظيفه داخليا، من قبل قيادة حركة حماس في خدمة وتعزيز الإنقسام ، ومن ثم في توجيه ضربة موجع لمشروع الحوار الوطني لأجل اتمام المصالحة، وارساء الخطوات الاساسية نحو تحقيق الوحدة الوطنية، والتي كان أول خطواتها تشكيل حكومة وطنية ترجمة لهذا الإنتصار، وترجمة للوحدة الوطنية التي جسدها وابرزها الميدان في كل الأراضي الفلسطينية، في القدس والضفة وقطاع غزة وفي الأرض المحتلة عام ثمانية وأربعين، حين اصاب قيادات حركة حماس الغرور ، وظنت بالله الظنون، أنها قد اقتربت الساعة للإطاحة بفتح من قيادة السلطة ومن قيادة م.ت.ف، بدلا من العمل معها على بناء الشراكة الوطنية، ومع الكل الوطني السباق في الفاعلية والنضال والوجود في ساحة القضية الفلسطينية وفي ميدان الكفاح الوطني ...  

لقد نفشت قيادة حركة حماس ريشها أكثر مما يجب وأكثر مما تستحق، وقد انهالت عليها التبريكات، والإتصالات، والإستقبالات من الداعمين المغررين بها من جهة، ومن قبل الحاقدين على فتح ودورها الوطني من جهة اخرى، لكن لم تمضي أكثر من شهرين على هذا الإنتصار المزعوم، حتى عادت مطالب حماس أكثر تواضعا أمام الصلف والعنت الصهيوني، ولا تتعدى استعادة الوضع والعلاقة التي كانت عليها قبل الإنتصار في الحادي عشر من مايو  الماضي، والقبول بالعودة ثانية إلى مربع التهدئة مقابل المطالبة بالعمل على سرعة الإعمار، تنفيسا للضغط الداخلي قبل أن يحصل ويقع الإنفجار في وجهها، والعمل على تخفيف الحصار وتنفيس الضغط الداخلي الذي يتزايد يوما بعد يوم قبل أن يقع فعلا الإنفجار، بسبب الظروف الصعبة التي خلفها العدوان ..  

فقد تم استهلاك روح الوحدة الوطنية التي أحدثتها هبة القدس والشيخ جراح في غير مكانها، بل تمت اضاعت الفرصة الذهبية التي اتيحت لحركة حماس وحركة فتح وللكل الوطني أن يستثمرها في الإسراع في إنهاء الإنقسام وتجسيد الوحدة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة الإستعمار الصهيوني، واجراءاته العنصرية التوسعية والهادفة إلى تطبيق سياسة التطهير العرقي في القدس وغيرها والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، مما ممكن العدو من مواصلة سياساته واجراءاته التعسفية في القدس ازاء المسجد الأقصى وازاء احياء القدس المختلفة، وبلدة سلوان، وقد بقي الوضع في القدس مستمرا على ما هو عليه بل ازداد سوءاً، وبقي الكر والفر بين أهل القدس وقطعان الإستيطان، ومواجهة اجراءات الإقتلاع والتطهير العرقي والإخلاء ونسف البيوت، والتي عادت اشد ضراوة من ذي قبل، دون أن تعيد حماس معركة سيف القدس مرة اخرى كما وعدت ولوحت، تطبيقا وتنفيذا لما اعلنته عند القبول بوقف اطلاق النار مع العدو في الحادي عشر من أيار الماضي، (إن عدتم عدنا ...) فقد عادوا ولكن حماس لم تعد ..!  

فقد عادت حماس للبحث عن سبل عودة المنحة القطرية، برضى وتعاون تام وكامل مع العدو المحتل، وعادت للبحث في استعادة منطقة الصيد وغيرها كما كانت قبل العدوان .. وعادت للحديث عن التفاهم لتهدئة دائمة أو طويلة الأمد، حتى يتمكن أهل غزة من تضميد الجراح وتنظيف الشوارع من آثار الدمار واستعادت بناء ما دمره العدوان ..! 

لقد تحول وهم الإنتصار على العدو في معركة سيف القدس، إلى هزيمة فلسطينية داخلية، اوقفت الحوار الفلسطيني الداخلي، ونسفت سكة قطار المصالحة، وعمقت الهوة الداخلية والتي يعمل الإحتلال على تعميقها، وكرست بقاء واستمرار الإنقسام على ما هو عليه وأكثر، الذي يعمل العدو على ادامته وتغذيته والمحافظة عليه، مع قوى اقليمية اخرى مستفيدة من بقائه .. 

لينطبق المثل الفلسطيني على الحالة الفلسطينية كلها (اجت الحزينة تفرح فما لقيت لها مطرح) أو كما يقول المثل (فلا صيف صيفت ولا سترها بقي عليها )...! 

فهل من متعظٍ من سياسات العبط والغباء السياسي العصبوي التنظيمي الذي لا يخدم إلا المتربص بالشعب الفلسطيني وقضيته ...! 

والعمل على الإقلاع من خنادق الحزبية والفصائلية المقيتة والضيقة، والإنطلاق إلى رحاب العمل الوحدوي الوطني الواسع، الذي فيه يكن تعزيز الصمود، وفيه يكمن سر التحدي والإنتصار الحقيقي .. 

لابد من حراك شعبي واسع يفرض خطوات الحوار ويفرض انهاء الإنقسام واستعادة الوحدة الوطنية في كل مستوياتها  .. 

للإقلاع من معسكر التفاضل إلى معسكر الوحدة والتكامل بين كل عناصر واشكال النضال الوطني. 

وللحديث بقية .. 

كلمات دلالية

اخر الأخبار