القائمة المشتركة ، انتحار سياسي أم محاصصة فصائلية ؟

تابعنا على:   08:04 2021-03-19

تامر سلامة

أمد/ بعد مرور ما يزيد عن 15 عام من الحصار و تعايش الشعب الفلسطيني مع شتى أنواع الويلات المعيشية و السياسية ، و التي تسبب بها الانقسام السياسي الفلسطيني بين حركتي فتح و حماس منذ عام 2006 ، تطل علينا هاتين الحركتين اللتين تمثلان طرفي الانقسام الأساسيين برؤية حول المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي طال انتظارها ضمن "قائمة وطنية مشتركة" ، ضاربة عرض الحائط الويلات التي عانى منها أبناء قطاع غزة على وجه الخصوص طوال فترة الانقسام البغيض .

الأمر الذي يدعو للتساؤل حول هذه الخطوة غير المسبوقة أو المرغوبة ، هل هذا انتحار سياسي يقوده رئيس حركة فتح محمود عباس لدفع ما تبقى من حركة فتح إلى الانهيار في عيون أبناءها الممتعظين من قراراته و تحركاته المريبة ، و التي كان آخرها فصل القيادي بحركة فتح ناصر القدوة و وقف التمويل و إقالته من مؤسسة ياسر عرفات . أم أن ما يجري هو مجرد مسرحية لرواية من روايات الكوميديا السوداء التي دائما ما لاحقت شعبنا الفلسطيني منذ نكبته الأولى ؟

كما و يخيل للشارع الفلسطيني أن ما يجري الآن هو رفع الستار عن كذبة الانقسام التي راح ضحيتها أكثر من 2 مليون إنسان في قطاع غزة جلهم من الشباب و جيل التسعينات المسحوق ، حيث يبدو أن الاجتماع الأخير للفصائل الفلسطيني في القاهرة ، و الذي تمخض عنه وثيقة الشرف الموقعة من قبل حركتي فتح و حماس و باقي الفصائل الفلسطينية الأخرى ، و فكرة نزول طرفي الانقسام ضمن قائمة مشتركة ، هو وسيلة لتحويل الانتخابات القادمة لتطبيق محاصصة سياسية جغرافية لحكم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية و قطاع غزة ، أي أن يبقى الوضع كما هو عليه مع إضفاء بعض الشرعية الدولية على حكام الضفة و القطاع .

و إن كان الأمر كذلك ، يبدو أن شهود الزور الذين تدافعوا للتوقيع على ميثاق الشرف الفصائلي من أحزاب اليسار ذات التأثير النانوي في القرار الفلسطيني ، مشاركين و راضين في حالة المحاصصة القائمة على المنفعة الفصائلية الذاتية لقادة الأحزاب و الفصائل ، تاركين القواعد و حشود المواطنين حيارى لا يدرون أنهم مجرد أكباش فداء لكروش القادة التي لا تمتلئ .
فكيف تتوقع القيادة السياسية لحركة فتح ، معنونة برئيسها محمود عباس ، أن ينتخب أبناء قطاع غزة - و إن كانوا من أبناء فتح الأوفياء- ، قائمة تشترك فيها حركة فتح مع حركة حماس التي لا يخفى على أحد ما مارسته من تمييز عنصري سياسي و قهري عليهم طوال الـ15 عاما الماضي ؟ ، و كيف يمكن أن يدلي أبناء حركة حماس بأصواتهم لقائمة مشتركة تضم من اعتبروهم منذ التأسيس عدوا أيديولوجيا و دائما ما وصفوهم بالخونة و الزنادقة العلمانيين ؟

الكثير من الأسئلة الشائكة التي تملأ الحالة الفلسطينية الضبابية التي تسبق تجربتها الديمقراطية الثالثة منذ نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993 ، و الحقيقة ستظهر عاجلا أم آجلا عبر صناديق الاقتراع ، و التي تعتمد على مدى الوعي الشعبي و الإدراك بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا لتغيير واقعنا المرير ، دون الانجرار وراء العاطفة و الشعارات الرنانة ، فمن يمد يد العود لشعبنا في أحلك ظروف قضيتنا المستمرة ، هو الطرف الذي يجب أن ينال تأييد و أصوات الجماهير لبناء مستقبل يليق بتضحيات شعبنا و تأملاته .

اخر الأخبار