التفاؤل بالمصالحة.. جريمة يرتكبها الفلسطينيون بحق أنفسهم

تابعنا على:   07:13 2020-07-30

سامر ضاحي

أمد/ منذ أن ظهر القادة الفلسطينيون في المسجد الحرام أمام الكعبة وأقسموا على صفاء النوايا قبل أن يعودوا للمناكفات مرة أخرى، والتي انتهت بسيطرة حركة حماس بالقوة العسكرية على قطاع غزة في يونيو 2017، لم يعد هناك ثمة أمل يذكر في إتمام موضوع الوفاق الداخلي على الرغم من الجولات المكوكية التي قطعها القادة الفلسطينيون في غالبية دول العالم دون إحراز أي تقدم يذكر في هذا الملف.
فمنذ اليوم الأول الذي أعلنت فيه الفصائل الفلسطينية عن نيتها إقامة مهرجان وطني في قطاع غزة لإنهاء ملف المصالحة الداخلية، بدأ نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالتهكم على الأمر، خاصة وأنهم يعلمون جيداً أن كافة المحاولات السابقة باءت بالفشل بسبب سياسة المماطلة والتسويف التي تمارسها الفصائل الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، خاصة حين يكون الحديث حول ملف المصالحة الداخلية.
وزادت السخرية من هذا الموضوع بعد أن تم الإعلان عن إقامة المهرجان قبل عيد الأضحى، رغم أنه قد تبقى يومين فقط على دخول المسلمين في أيام عيد الأضحى، دون أن يتم تحديد وقت ومكان إقامة المهرجان.
يقول آدم المدهون، "قيادي فتحاوي يقول: لا أعلم إن تم تأجيل أو إلغاء المهرجان، ولكني أعلم أن هناك من يعبث في ساحتنا الفلسطينية".
ويضيف المدهون متهكماً، "يا ريت اللي بيلعب يبطل لعب.. قصدي اللي بيعبث يبطل عبث".
فيما يقول الناشط الفلسطيني سليمان أبو سعدة، "المهرجان الذي كان من المفترض أن يعقد في قطاع غزة مهرجان دجل وليس له علاقة بالوطن.. الشيء الوحيد الذي له علاقة بالوطن هو تتويج المصالحة أمام الجميع ورفع العقوبات عن الموظفين".
ومن جانبه يسخر الناشط السياسي أحمد جودة من موضوع المهرجان بقوله، "أحد المعتقلين السياسيين في غزة يتصل بابنه ليطمئنه ويخبره: إن شا الله بكون طالع قبل العيد وبنروح مع بعض على مهرجان الوحدة".
وكان القيادي في حركة فتح جبريل الرجوب، قد أعلن في وقت سابق عن إقامة المهرجان الذي من المفترض أن يتخلله كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكلمة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وزادت حركة حماس على التصريحات بأنها أكدت إقامة المهرجان قبل عيد الأضحى، ولكن التصريحات عن الأمر اختفت مجدداً ولم يتبق سوى حالة التهكم والسخرية في صفوف الفلسطينيين الذين باتوا لا يتفائلون في هذا الملف الشائك.
كما أن هذا المهرجان لا يعني شيئاً بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، لأن العهد الذي بين الفلسطينيين والفصائل المتناحرة هو "الكذب" وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على مصلحة الوطن. وبالعودة إلى الأسباب الرئيسية لعدم إقامة المهرجان الذي لم يغادر كونه مجرد فرقعة إعلامية، فالأمر يتعلق بأن الحوار لم يعد يجدي نفعاً بهذا الملف، فموضوع المصالحة الداخلية خرج من أيدي الأطراف الفلسطينية وانتقل إلى أيدي الأجندات التي تنفذها تلك الأطراف.
يقول الوزير الفلسطيني السابق ورئيس تحرير موقع أمد حسن عصفور، "الآن بعد أن رأينا بوادر مصالحة مع حماس لا نعرف تفاصيل الهدف منها حتى الآن ومن ورائها إلا ما هو حاصل من تجاذبات قضية الضم وصفقة ترامب كما يتحدث الرجوب والعاروري، لكن لا نستبعد محاولة سحب ملف المصالحة من مصر، ومحاولة تدجين حركة حماس والذي تلعب فيه قطر الدور الأخطر على حماس وفتح أيضاً".
ويضيف عصفور في مقاله الذي نشر مؤخراً، أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، "كم سيستغرق تنفيذ المصالحة من وقت؟ وهل هناك خيار لاستعادة الوضع السابق لانقلاب حماس؟ أي لمن ستكون السلطة في قطاع غزة؟".
ويجيب عصفور على هذه التساؤلات قائلاً، إن "هناك ثلاثة سيناريوهات، أولها: أن تبقى السيطرة في غزة لحركة حماس وفي رام الله لحركة فتح، وثانيها: أن تسلم حركة حماس مقاليد السلطة في قطاع غزة وتعود الأمور لما كانت عليه قبل الانقلاب على أن تجرى الانتخابات في غضون عام مثلاً، وثالثها: ألا تعود السلطة المركزية إلى قطاع غزة وكل طرف يبقى في سلطته ومكانه، مع تنسيق بعض متطلبات عملية انتخابية سريعة لفرز قيادة تقوم بمسؤولياتها لاحقاً في توحيد الهيئات ومراكز الدولة التي يتحدثون عنها كثيراً كبرنامج يريدون تحقيقه".
وفي ظل كل هذه السخرية والتهكم على ما تقوم به الفصائل الفلسطيني بملف المصالحة الداخلية، يبقى المواطن هو المتضرر الوحيد من تلك السياسة التي تتسم بالمماطلة والتسويف أحياناً والتشويق والإثارة أحياناً أخرى، دون الحصول على نتائج قد تغير مجريات الأحداث في نهاية الأمر.

اخر الأخبار