الشعوب تهتف لدولة ذات كرامة ..!

تابعنا على:   09:15 2019-11-24

د. عبدالرحيم جاموس

أمد/ العالم يعيش زمن التحولات السريعة، سياسية اقتصادية صناعية اجتماعية معرفية وثقافية،ومن يتخلف عن هذة التحولات سيكون في ذيل القائمة، ويعيش في خارج قانون العصر والمعاصرة ، ومن يواكبها ويتَطور ويُطور ادواته ونظمه ووسائل كفاحه ويحافظ على قيمه الانسانية في الحرية والكرامة ، التي تحفظ للإنسان كرامته وتحقق له غايته في الأمن والاستقرار والنمو والرفاه والحياة الكريمة بما يليق به في الزمان والمكان ، ومواكبة ظروف العصر، يكون معاصرا لمتطلبات الحياة وتحولاتها المختلفة ، ومن يتخلف عن ذلك وينشد استنساخ ماض ثبت عجزه في الماضي بكل وسائله وادواته واساليبه فلن يلحق بحركة التحولات والتغيرات السريعة التي تفرض نفسها على الحاضر والمستقبل ، ويحاول ان يبقى بعيدا عن غايات هذة التحولات والتغيرات ، سيبقى محكوما لقوى الشد العكسي سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسلطويا ،المستفيدة من الاوضاع القائمة والبائسة...!

هنا يقع مركز جدلية التحول والصراع بين قوى ماضوية اقلوية، تنتعش وتستفيد بل ارتبطت مصلحيا بماضويتها السياسية والثقافية والمعرفية ، ترى في تلك التحولات الواجبة تهديدا لنفوذها وسلطتها ومصالحها، وبين اغلبية ادركت مصلحتها في ضرورة التحول والتغيير ، ومواكبة روح العصر ومايقتضيه من تحول وتغيير في الوسائل والادوات والنظم والقوانين واساليب الحكم الناجح ، لتحقيق كرامتها وقيمها الانسانية من جهة، و تلبية احتياجاتها وغاياتها ومصالحها الضرورية، والتي لم تعد تلك الأقلية المتحكمة والمتنفذة قادرة على تحقيقها اوحتى تحقيق التوازن والإنسجام بين استمرار مصالحها في النفوذ والهيمنة والاستحواذ من جهة واحتياجات ومصالح الاغلبية المحكومة من جهة اخرى ...!

حين ذاك لن تجدي كل المسكنات التقليدية لتسكين آلام الاغلبية وتضليلها بما سبق من شعارات عفا عليها الزمن وتجاوزها الواقع ..فتندفع الاغلبية الى التذمر فالتحرك فالانتفاضة والثورة على تلك الاقليات السلطوية المتنفذة والمستحوذة والمتحكمة والعاجزة عن فهم احتياجات الاغلبية واتخاذ مايلزم من سياسات واجراءات وتدابير تستجيب لمطالب الاغلبية في التحول والتغيير...

واذا ماتفحصنا ما شهدته منطقتنا العربية من انتفاضات وثورات خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ،سواء في موجتها الأولى او في موجتها الثانية فإنها تشترك في هتاف واحد وهدف واحد وهو نريد حياة كريمة ومواطنة مصونة و وطن واحد مصون وبالتالي نريد دولة ذات كرامة..!.

لايمكن ان تتحقق الدولة ذات الكرامة، الا اذا احترمت كرامة الانسان الموطن كونه انسان و مواطن حر ، و تمكنت من حماية الوطن وذادت عنه كل المخاطر والتهديدات ، وحمت خيراته واستثمرتها لصالح المواطن ولصالح الجميع وليس لصالح فئة متنفذة متسلطة تسخر كل امكانيات وخيرات الوطن وترهن كرامة الوطن والمواطن لحسابها فقط ..

وتفقد المواطن والدولة بكل عناصرها ، عنصر الكرامة وتفقده ابسط اسباب العيش الكريم وتغتال امله في الحاضر والمستقبل ..

عندها يفيض الكيل وتنفجر الثورة التي يختزن الواقع اسبابها في وجه الاقليات المتنفذة والفاسدة والعاجزة عن فهم احتياجات الاغلبية المحكومة واحتياجات الدولة الناجحة ذات الكرامة... التي تحترم المواطن وتحمي الوطن وتتجاوب مع كل متطلبات الحياة الكريمة وتدرك حجم التحولات والتغيرات التي يشهدها الكون برمته وان مواطنيها هم جزء من هذا الكون ، ولا بد ان يكونوا جزءا منه...

إذا جمعنا الشعارات التي نادى وينادي بها جمهور الانتفاضات العربية وغيرها اليوم من انتفاضة الجزائر الى لبنان الى العراق الى ايران .... ومن قبلهم جماهير تونس و مصر فإنها تبلورت بهتاف واحد يؤكد على ضرورة التحول والتغيير وتحقيق الكرامة الانسانية والحرية للوطن والمواطن ، والمشاركة في تقرير السياسات وتقرير المصير .. وان لايبقى الوطن والمواطن رهين رغبة اقلية فاسدة متحكمة اهانت الوطن والمواطن، وعاجزة عن تحقيق ابسط شروط الحياة الكريمة لمواطنيها ..!

من هنا كان الغلاء والفساد والتسلط والتجبر وفقد الكرامة المحرك الاول لهذه الانتفاضات والثورات....

ما دفع الشعوب للثورة لتفرض ارادة التغيير على القوى المهيمنة والاطاحة بها ..

فالثورة تمحو ما قبلها...

والشعوب تريد دولة ناجحة ذات كرامة، تتحقق فيها كرامة الوطن والمواطن .. رغم كل الاتهامات التي تكيلها السلط المتنفذة في حق المنتفضين والثائرين..!

كلمات دلالية

اخر الأخبار