الاعتذار ليس انتصاراً

تابعنا على:   14:49 2019-07-14

خالد صادق

حتى لا يتهمنا البعض بأننا نتلقف أي موقف متراجع للكيان الصهيوني أمام المقاومة الفلسطينية, ونعتبره انتصاراً وانجازاً يضاف إلى انجازاتها المتعددة, فإننا نؤكد ان اعتذار الجيش الصهيوني على جريمة اغتيال الشهيد المجاهد محمود الأدهم ابن كتائب القسام ليس انتصارا للمقاومة, ولن نسوقه على ذلك, ولكنها خطوة جديدة وفريدة أقدم عليها الاحتلال الصهيوني لأول مرة, خوفا من رد المقاومة الفلسطينية على هذه الجريمة, ذاك الرد الذي يمكن ان يتدحرج حتى يصل إلى عدوان صهيوني جديد على قطاع غزة, لا يرغب به الاحتلال في هذه المرحلة تحديدا, لأنه يستعد للانتخابات في شهر سبتمبر القادم, ويرغب في ان تبقى الأجواء هادئة إلى ذلك الحين, لأن أي إخفاق عسكري جديد في أي عدوان صهيوني على غزة, لن يكون في صالح نتنياهو وحزبه والمتحالفين معه من اليمين الصهيوني المتطرف, وستستغله المعارضة الصهيونية لصالحها لإفشال منافسها.

الجيش الصهيوني قال «إن إطلاق قوة إسرائيلية النار على أحد عناصر كتائب القسام قرب السياج الفاصل شمال قطاع غزة ناتج عن «سوء فهم»، ولم يكتف بذلك, إنما قال أنه يجري تحقيقًا في الحادث, وهذه تصريحات جديدة لم نعتد عليها من قبل, لكن المقاومة الفلسطينية استطاعت ان تفرض معادلتها بالقوة على الإسرائيليين, وان تجعل الكيان الصهيوني في حالة خوف من ردة فعلها, لذلك وصفت وسائل الإعلام العبرية هذه التصريحات للجيش الصهيوني بـ»الرد المخجل والجبان», وهذا ما دفع المحلل الصهيوني يوسي يهوشع للقول: إن إعلان الجيش أن إطلاق النار على ناشط من حماس هو «سوء فهم» ليس اعتذارًا بسيطًا، ولكنه يعبِّر عن حقيقة معقدة, وأضاف أن مثل هذا التصريح لم يكن ليخرج لو لم يتآكل مستوى الردع الإسرائيلي، واليوم تضع حماس القواعد وتبتز «إسرائيل» التي تحاول إيصال رسالة لحماس أنها لا تريد الحرب.

هذه حقيقة اعترف بها الاحتلال, وعلينا ان نفخر بذلك, لكن هذا لا يلغي حقنا في الرد على جريمة اغتيال الشهيد المجاهد محمود الأدهم, لأن دماء أبنائنا ليست رخيصة, ولن تذهب هدرا ولن يمحوها اعتذار, خاصة انه سبق للاحتلال ان قام بشن عمليات عسكرية كبيرة على قطاع غزة, لمجرد ان صاروخا انطلق بطريق الخطأ إلى منطقة الغلاف الحدودي, ولم يقبل كل الروايات الفلسطينية التي قالت ان الصاروخ انطلق بفعل الأحوال الجوية السيئة والبرق, أو ان جهات مجهولة أطلقت الصاروخ, وحمل حماس والفصائل الفلسطينية المسؤولية وقام بدك مواقعهم العسكرية ومنشآت مدنية, تحت ذريعة ان حماس بصفتها المسئولة عن إدارة شؤون القطاع هي التي تتحمل مسؤولية أي عمل عسكري يخرج منه, وسيتم محاسبتها على ذلك, وبنفس المنطق يجب التعامل مع اعتذار الجيش, وعليه ان يتحمل مسؤولية لا مبالاة جنوده المجرمين بأرواح الفلسطينيين.

دوافع كثيرة أجبرت الجيش الصهيوني على الخروج ببيان اعتذار للمقاومة الفلسطينية, ولم يعبأ الجيش بردات الفعل المنتقدة لهذا البيان رغم انه كان يعلمها جيدا, فكل ما كان يعنيه ان لا تشتعل جبهة غزة في وجهه, وان المقاومة الفلسطينية التي هددت بالرد على هذه الجريمة البشعة, كانت جادة في تهديداتها, وقادرة على تحمل نتائج ردها, خاصة ان التهديد أول مصدر, صدر عن غرفة العمليات المشتركة, التي أكدت على حقها في الرد على جريمة اغتيال الشهيد المجاهد محمود الأدهم, ان عزتنا في قوتنا وسلاحنا وتماسكنا, ليت السلطة تتعظ.

كلمات دلالية

اخر الأخبار